محل الاثبات وشروطه
مقدمة
إن الله لم يخلق الإنسان عبثا و لم يتركه سدى، بل زوده بمنهج حياة يحول دون أن يطغى بعضهم على بعض، و ذلك عن طريق إرسال الرسائل و إنزال الكتب التي تتضمن أحكاما قاضية فيما يثار بينهم من نزاعات و هذه الأحكام لا تعتد بأن يكون الشخص قاضي نفسه بل توجب عليه الالتجاء إلى سلطة القضاء أي أنها لا تقر مبدأ القوة تنشئ الحق و تحميه عند المنازعة في حق له او لغيره، و تلزمه بإقامة الدليل على وجود مصدر اختصاصه بالحق لدفع إنكار الغير له.
ولا جناح أن السلطة المخولة في الفصل في المنازعات لا توفر الحماية لحق متنازع فيه اذا كان عاريا من دليل إثبات مصدره، فالإثبات يعد بمثابة الأساس الذي يحقق الحماية القانونية للحقوق والحق يتجرد من قيمته ما لم يقم الدليل عليه، و الدليل هو قوام حياة الحق و اما الانتفاع الهادي به، و يقصد بالإثبات “إقامة المدعي الدليل على ما يدعيه على نحو يحدث أثرا قانونيا” فالمدعي في الخصومة هو كل من يدعي عكس الظاهر سواء أكان كذلك في بداية الدعوى أم كان كذلك في أي مرحلة من مراحل الدعوى.
وبناء على ذلك فإن الإثبات في معناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق المحددة قانونا على وجود مصدر الحق الذي ينكره الغير على نحو يمكن القاضي من الفصل في النزاع و إسناد الحق لمن يستحق الحماية القانونية لقوة دليله.
وللحديث عن موضوع الإثبات لابد من تحديد الواقعة التي تكون محلا للإثبات هذه الواقعة التي إما أن تكون واقعة مادية أو تصرف قانوني كما يمكن أن تكون قانونا أو عرفا إذا توفرت الشروط اللازمة لذاك.
اهمية الموضوع:
تكمن أهمية هذه الدراسة في كون محل الإثبات أثار نقاشا فقهيا وقضائيا كبيرا حول طبيعته القانونية وكذا الشروط الواجب توفرها فيه، لذلك تقتضي دراسته نوع من الدقة والتفصيل.
إشكالية الموضوع :
تتجلى الإشكالية الرئيسية للموضوع في مدى إمكانية تحديد الطبيعة القانونية الواقعة محل الإثبات هل في واقعة مادية أم تصرف قانوني ومدى إمكانية اعتبارها قانونا أم عرفا وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات من قبيل :
1- ما المقصود بمحل الإثبات ؟
2- وما هي أنواعه؟
3 – ما هي الشروط الواجب توفرها في الواقعة حتى تصلح كمحل الإثبات؟
ولتحليل موضوع محل الاثبات وشروطه اتبع الطلبة الخطة التالية:
المبحث الأول: محل الإثبات
المبحث الثاني: شروط الواقعة محل الإثبات
