ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
مجلات الكترونية
أخر الأخبار

المجلة المغربية للتحكيم العربي والدولي

المجلة المغربية للتحكيم العربي والدولي

محتويات العدد:

  • علاقة القضاء بالتحكيم.
  • مبدأ الاختصاص بالاختصاص في مجال التحكيم طبقا للقانون 08.05
  • التحكيم التجاري الدولي والسيادة
  • جهاز تسوية النزاعات بمنظمة التجارة العالمية الية تحكيمية بين التكييفالقضائي ومشكل الإلزام 
  • خصوصية إجراءات التحكيم الإلكتروني في تحقيق الأمن القضائي
  • المسؤولية المدنية للمحكم
  • القيود التشريعية الواردة على الحكم التحكيمي
  • تنفيذ أحكام التحكيم في مجال الصفقات العمومية واشكالاته
  • تعليق على أحكام وقرارات
  • الاجتهاد القضائي المغربي
  • الاجتهاد القضائي العربي 
  • مسودة مشروع قانون التحكيم المغربي

علاقة القضاء بالتحكيم: بين القوضأة والاستقلالية
دراسة مقارنة بين القانونين المغربي والفرنسي مع تطبيقات قضائية

ذ.زكرياء الغزاوي        

مقدمة:

  من المسلم به أن القضاء كمظهر من مظاهر السيادة، لا يمارس إلا بواسطة السلطة القضائية المحددة في الدستور، غير أن الدولة بما لها من سلطة تستطيع أن تعترف لبعض الأفراد أو الهيئات غير قضائية، بسلطة الفصل في بعض المنازعات في نطاق معین و متى توافرت شروط ذلك، و هو ما يدخل في إطار الوسائل البديلة الحل المنازعات.

ويعتبر التحكيم من بين الوسائل البديلة لتسوية المنازعات الناتجة عن المعاملات التجارية بعيدا عن قضاء الدولة، نظرا لما تتسم به هذه الوسيلة من مميزات كالسرعة في الإجراءات و قلة التكاليف، و الثقة في المحكم و خبرته، و السرية.

ويعرف التحكيم بأنه اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة، سوا اء كانت عقدية أو غير ذلك، على أن يتم الفصل في النزاع الحال أو المستقبل الناشئ عن هذه العلاقة بواسطة شخص أو عدة أشخاص يتم اختيارهم كمحكمين، و الذين يستمدون سلطتهم من اتفاق التحكيم.

وعلى الرغم من أن التحكيم ذو طبيعة تعاقدية فإن تدخل قضاء الدولة، بما له من سلطة عامة، أمر لا محيد عنه، إذ يتدخل عند أول صعوبة قد تعترض هذه المسطرة.

والتدخل قد يتم بناء على طلب أحد أطراف اتفاق التحكيم أو بناء على طلب هيئة التحكيم، نتيجة تصرف تسويفي يهدف إلى تعطيل المسطرة أو عرقلة سيرها، أو نتيجة لوجود نقائص بنيوية في التحكيم، و في كل الحالات فإن التدخل يكون إما من أجل تقديم المساعدة للهيئة التحكيمية أو من أجل ممارسة رقابة على عمل المحكمين، مما دفع بغالبية التشريعات الوطنية المنظمة للتحكيم إلى وضع قاضي الدولة في خدمة التحكيم.

ويعد من بين هذه النقائص اعتبار قضاء التحكيم قضاء وقتيا سريع الزوال، إذ لا يتم تشكيل هيئة التحكيم إلا عند قيام النزاع، وقد يعترض تكوينها تعنت أحد الأطراف و تخلفه عن القيام بذلك، الأمر الذي يتطلب تدخل القضاء لتقديم المساعدة من أجل تشكيل الهيئة أو استكمال تكوينها.

كما يعتبر من بين نقائص التحكيم اعتباره قضاء خاصا لا يتمتع بسلطة الأمر و الزجر imperium، إذ يصعب على المحكمين، في بعض الأحيان، المحافظة على حقوق الأطراف خلال سريان مسطرة التحكيم، كما لا يمكن لهيئة التحكيم استصدار أمر باتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية، هذا بالإضافة إلى أن هيئة التحكيم لا يمكنها الأمر بالتنفيذ الجبري لحكم التحكيم.

وعلاقة القضاء بالتحكيم كانت محور مجموعة من الدراسات الفقهية، تنقسم بین اعتبار أن الممارسة التحكيمية تتجه نحو الانسلاخ التام عن القضاء، و بين من تعتبر أن إخضاع التحكيم للرقابة الكاملة والشاملة له تجعله يذوب في قضاء الدولة، ويتشتت بين النظم الوطنية الأمر الذي يفقد نظامه الوحدة والاستقلالية ويفقد قضاءها التناسق و الأمن القانوني، أي تفقده مقومات المؤسسة.

فالتساؤل المطروح حسب هذا الاتجاه أو ذاك هو هل تدخل قاضي الدولة في التحكيم أمر حتمي وضروري لاستمراريته، وهل استقلالية التحكيم عن القضاء ممكنة التحقق.

فمن جهة، من شأن تدخل القاضي في التحكيم أن يؤدي إلى خطر إخضاعه للقضاء “قوضأة التحكيم” judiciarisation de l’arbitrage، نتيجة حصر نطاق التدخل في مناقشات مسطرية لا منتهية، هذه المناقشات قد تؤدي إلى تجاهل القضية الأساسية التي هي تسوية موضوع النزاع، مما يمكن معه القول أن التحكيم ضحية
الانحراف المسطري، و يتحول الأمر بالتالي من اعتبار التحكيم “وسيلة” لتسوية المنازعات إلى اعتباره موضوع نقاشات فقهية قانونية، مما يفيد أن الهدف من تدخل قاضي الدولة في التحكيم تحول من المساعدة و مد يد العون له إلى سبب لانحرافه عن هدفه إن لم نقل سبب لتشويهه، ومن هذا المنطلق فإن التحكيم في طريقه إلى التحول من “وسيلة لتحقيق العدالة” إلى “عدالة مختلطة” تجمع في طياتها بين أسوار التحكيم ومحاكم الدولة.

ومن جهة مقابلة، إن عدم التدخل التام لقضاء الدولة في التحكيم يؤدي إلى سقوطه في الصعوبات التي تعترض المسطرة أو التي تعترض تنفيذ الحكم التحكيمي، لتكون النتيجة اللامبالاة و عدم الاكتراث به مما قد يضر به و يضر بالهدف و الفلسفة التي على أساسها تم اللجوء إلى التحكيم.

 ويوجد بين الاتجاهين السابقين؛ أي اتجاه المغالاة في إخضاع التحكيم للقضاء “قوضأة التحكيم” واتجاه عدم تدخل القضاء التام في التحكيم، اتجاه وسط ينبني على وجود روابط و أواصر التعاون بين مؤسسة القضاء ومؤسسة التحكيم هدفها تقديم القضاء المساعدة للتحكيم و خلق تعاون بينهما، و هو الموقف الذي تبناه المشرع المغربي و غيره من التشريعات المقارنة و إن كانت تختلف في درجات تدخل القاضي في التحكيم.

وترتيبا على ما سبق فإن إشكالية البحث تتمحور حول التساؤل عما إذا كان التحكيم يخضع فعليا لرقابة قضاء الدولة لتشمل كافة مراحله، إلى درجة ذوبانه و اندماجه ضمن التنظيم القضائي للدولة “قوضأة التحكيم”، أم، على العكس، يتجه نحو الاستقلال النهائي عن قضاء الدولة؟

والاجابة على هذه الأسئلة تفترض التطرق إلى موقف التشريعات الخاصة بالتحكيم التي قننت أوجه تدخل القاضي في التحكيم، كما أن الممارسة التحكيمية والقضائية أظهرت أن التحكيم يتعرض لمشاكل قانونية و صعوبات مطربة ناتجة عن ضعفه الخلقي و خلله البنيوي (الفصل الأول).

أمام هذه الوضعية أصبح البحث عن ممارسة تحكيمية مستقلة عن قضاء الدولة مطلبا أساسيا، وما دخول هيئات ومراكز التحكيم على خط تقديم المساعدة والدعم للتحكيم إلا دليل على الرغبة في ابعاد القضاء عنه و البحث، من ثمة، عن ممارسة تحكيمية مستقلة عن قضاء الدولة (الفصل الثاني).

المجلة المغربية للتحكيم العربي والدولي

تحميل المجلة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى