شرح القانون الجنائي المغربي القسم الخاص-الجزء الأول- تأليف الدكتور عبد الواحد العلمي
تمهيد:الجرائم الماسة بأمن الدولة
ان الرغبة الملحة في المحافظة على كيان الدولة خصوصا بعد ان تنامت الوظائف التي اصبحت تقوم بها في الوقت الحاضر، باعتبارها شخصا اعتباريا يمثل المجموع افرز الى الوجود مجموعة من الجرائم سميت بالجرائم الماسة بامن الدولة، او ضد امن الدولة، كما اطلق عليها المشرع المغربي،وهي جرائم تمس او تحاول المساس بكيفية مباشرة بكيان الدولة القانوني وهذا تمييزا لها عن الجرائم التي تشكل اعتداءات على الاشخاص او الاموال او العفو التي وان كانت تمس بكيان الدولة بدورها الا ان هذا المساس لا يكون الا بكيفية غير مباشرة.
هذا وجرائم أمن الدولة لا يقصد بها الجرائم التي ترتكب ضد اشخاص الفئة التي تحكم الشعب كما كان سائدا في الماضي عندما كانت فكرة الدولة تختلط على الخصوص بشخص الحاكم الامبراطور، حيث كان المساس بحيات هذا الاخير غالبا ما يؤدي الى انهيار الدولة او في الاقل الى تعطيل سيرها وانما يقصد بها تلك الجرائم التي تنال من كيان الدولة، كشخص اعتباري بحيث يؤدي الامر الى ان تصبح سلامته السياسية او الاجتماعية او الاقتصادية او الخارجية مهددة ومعرضة للخطر.
وطبيعي أن هذا المفهوم الاخير جرائم امن الدولة لم يظهر ويتميز الا بعد تقدم في الفكرين الاساسي والدستوري، وهو ما سمح بظهور الدولة كشخص معنوي يمثل الكيان القانوني للمجتمع على اشخاص الحاكمين في الذين اصبحوا مجرد اجهزه طبيعيه لتنفيذ وظائف الدولة كشخص اعتباري.
جرائم امن الدوله في القانون المغربي:
التشريع الجنائي المغربي كغيره من التشريعات الجنائية المعاصر، افراد جملة من النصوص الجنائية في الباب الاول من الكتاب الثالث من المجموعة الجنائية، تحت عنوان في الجنايات والجنح ضد امن الدولة ابتداء من الفصل 163 الى 218 وبالقاء نظرة على هذه النصوص نستفيد ما يلي:
أولا: قسما المشرع المغربي جرائم امن الدولة الى الجرائم التي تمس بامن الدولة الداخلي وهي التي يكون الغرض منها احداث تغيير في النظام السياسي للدولة ومن اهمها جرائم المؤامرة والاعتداء على الحياه الملك او شخصه الفصلان 163و 164 من القانون الجنائي المغربي، او الاعتداء على حياة ولي العهد او شخصيه الفصلان 165 166 من القانون الجنائي المغربي ،والاعتداء الذي يكون الهدف منه تغيير او قلب نظام الحكم الفصل 169 من القانون الجنائي المغربي او اثاره حرب اهليه الفصل 201 من القانون الجنائي المغربي……….
وهذه كلها جرائم الدولة الخارجية بقدر ما هي محاولة للوصول الى الحكم بوسائل الدستور للتنافس على الحكم بوسائل -غير مشروعه- في المقابل على المغرب كدولة ذات سياده الدفاععلى سلامته ووحده اراضيه واستقلاله، و تسمى بجرائم امن الدوله الخارجي واهم هذه الجرائم التجسس والخيانه التي تتحقق بحمل المواطن للسلاح ضد المغرب، الفقره 1 من الفصل 181 من قانون الجنائي المغربي، او بمباشرة لاتصالات مع سلطة اجنبية بقصد حملها على القيام بعدوان ضد المغرب،او تزويدها بالوسائل اللازمه لذلك، اما بتسهيل دخول القوات الاجنبيه الى المغرب واما بزعزعة اخلاص القوات البرية او البحرية او الجوية،واما باي وسيلة اخرى الفقره 2 من الفصل 181 من مجموعة القانون الجنائي.
ثانيا: اخذ المشرع الجنائي بالنسبة لجرائم امن الدولة باسلوب التجريم الوقائي او الاحتياطي مع ما يستتبعة ذلك من تشدد في العقاب وبذلك جرمت بعض النشاطات التي لا يمكن تسليم بتجريمها عملا بالقواعد المعروفه في القانون الجنائي، كل ذلك مخافة ان يؤدي عدم تجريمها الى ارتكاب الجرائم التي يراد تجنبها، واشرح الامر قليلا فاقول أن المشرع المغربي بالنسبه لجرائم امن الدولة الداخلي اذ كان قد عاقب بشده جريمة الاعتداء على حياه الملك او شخصيه، فانه جرم كذلك المؤامرة ضد حياه الملك او شخصه الفصل 172 من قانون الجنائي المغربي والمؤامرة كما يفهم من الفصل 175 من قانون الجنائي المغربي ما هي الا مجرد اتفاق جنائي مصمم عليه بين شخصين او اكثر على ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في الفصول 172 و 173و 174 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، حتى ولو لم يعقبه اي عمل من اعمال البدء في التنفيذ وكان مقتدى القواعد العامة في القانون الجنائي المغربي وحده على الاعتداء على حياه الملك او شخصهم في تنفيذ ذلك الاتفاق وهذا بحد ذاته يشكل خطرا كبيرا على سلامة حياة الملك وبالتالي على كيان الدولة وامن واستقرار المجتمع..