مسطرة منازعات الجماعات الترابية
مقدمة
مما لا شك فيه أن الجماعات الترابية تمارس مجموعة من الأنشطة و الأعمال بغية خدمة المصالح المحلية، فإن هذه الممارسة تكون مقيدة بضوابط قانونية و تنظيمية محددة بشكل مسبق، و ذلك تحت رقابة القضاء الاداري الذي يشكل الدعامة الأساسية التي يفترض أن تحمي الديمقراطية وتوفر فضاء آمنا و مستقرا و مناسبا لقيام تنمية محورها الانسان.لهذا فالجماعات الترابية تمارس اختصاصات واسعة أنيطت بمجالسها ورؤسائها في مختلف الميادين ذات الارتباط بتدبير الشأن المحلي جعلتها تدخل في علاقات متعددة ومتشعبة مع الغير فنتج عن ذلك احتكاكات كثيرة ومتشعبة، زادت من حجم وعدد الأضرار التي تلحق بهم.
وأمام هذه الوضعية أصبح من الطبيعي أن يعطى للمتضرر الحق في المطالبة بالتعويض ولو كان المتسبب في الضرر هو الجماعات الترابية.
إن التنصيص على تدبير منازعات الجماعات الترابية في صلب القوانين التنظيمية مع تخصيص قسم للمنازعات، يعد في الحقيقة تتويجا لمسار تشريعي بدأه المغرب مع التنظيم اللامركزي الترابي. فقد صدرت دوريات، ومناشيرة،كلها موجهة للحد من الارتفاع الكبير في أعداد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الجماعات الترابية نتيجة الوعي المتزايد لدى المواطنين بمقاضاة الإدارة، والدفاع عن حقوقهم أمام المحاكم.
وبالتبعية، فهذه الترسانة القانونية المتوجة بما ورد في القوانين التنظيمية المذكورة المبينة لأساس تدخل الوكيل القضائي للجماعات الترابية كامتداد لعمل مؤسسة المساعد القضائي للجماعات المحلية، تعد نتيجة لتغيير نمط التنظيم اللامركزي الترابي، وتكييفه مع الأدوار الجديدة للجماعات الترابية.
ونظرا لازدياد تدخل الجماعات في جميع مناحي و جوانب الشأن المحلي و ما ينجم عنه من ازدیاد للمشاكل و المنازعات الادارية ، فإن وضع آليات و قواعد و هيئات قضائية للفصل في تلك المنازعات و فضها بالطرق الملائمة و الإجراءات المناسبة بشكل أكبر الضمانات و أفضل الوسائل لإقامة دولة الحق والقانون التي تكفل المصلحة العامة وتحمي حقوق الافراد و حرياتهم.
وفي هذا السياق حرص المشرع على تخصيص الباب التاسع من دستور 2011 حول الجماعات الترابية ونفس الامر بالنسبة للقانون التنظيمي 113.14 الذي تطرق إلى المنازعات الجماعات في القسم السابع من المادة 263 إلى المادة 268.
مسطرة منازعات الجماعات الترابية