ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
كتب
أخر الأخبار

شرح القانون المدني الجزء السابع عقود الغرر عقود المقامرة و الرهان

تأليف الدكتور -عبد الرزاق أحمد السنهوري-

شرح القانون المدني الجزء السابع عقود الغرر عقود المقامرة و الرهان و المرتب مدى الحياة وعقد التأمين تأليف الدكتور
-عبد الرزاق أحمد السنهوري-

تمهيد:

 – التعريف بالمقامرة وبالرهان والتمييز بينهما :

المقامرة ( Jeu ) عقد يتعهد بموجبه كل مقامر أن يدفع ، إذا خسر المقامرة ، للمقامر الذي كسبها مبلغاً من النقود
أو أي شيء آخر يتفق عليه . والرهان ( Pari ) عقد يتعهد بموجبه كل من المتراهنين أن يدفع ، إذا لم يصدق قوله
في واقعة غير محققة ، للمتراهن الذي يصدق قوله فيها مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر يتفق عليه.

ويتبين من ذلك أن المقامرة توافق الرهان في أن حق المتعاقد في كل منهما يتوقف على واقعة غير محققة ، هي أن يكسب المقامر اللعب في المقامرة أو أن يصدق قول المتراهن في الرهان . ولكن المقامرة تفارق الرهان في أن المقامر يقوم بدور إيجابي في محاولة تحقيق الواقعة غير المحققة ، أما المتراهن فلا يقوم بأي دور في محاولة تحقيق صدق قوله .

ونضرب أمثلة توضح ما تقدم . كثيراً ما تقع مباراة في ألعاب الورق ، كالبوكر والبكارا والكونكان والبريدج ، أو غيرها من الألعاب كالشطرنج والطاولة والدومينو . كما تقع المبارة في الألعاب الرياضية ، كالجري والقفز والكرة والتنس والجولف والراكيت والبليارد والمصارعة والملاكمة والمبارزة . في كل هذه المباريات قد يتفق المتبارون على أن من يكسب اللعب منهم يأخذ
من الخاسرين مقداراً معيناً من المال .

هذا الإتفاق هو عقد مقامرة لأن كلا من المتعاقدين قد اشترك في المباراة وبذل كل جهده في اللعب ، فقام بدور إيجابي
في محاولة تحقيق الواقعة غير المحققة التي يقامر عليها وهي أن يكون هو الكاسب .

أما إذا تراهن عدد من الناس يشهدون اللعب ، ولكنهم لا يشتركون فيه ، على من يكون الكاسب من اللاعبين ، فذلك
هو الرهان . لأن أحداً منهم لم يقم بأي دور في محاولة تحقيق الواقعة غير المحققة التي يراهن عليها ، ويه أن يصدق
قوله فيمن يكسب اللعب .

وهناك حالات واضحة لا يمكن إلا أن تكون مقامرة أو رهاناً . فالمتبارون في ألعاب الورق وفي الألعاب الأخرى التي تقدمت الإشارة إليها مقامرون . والذين يعينون شخصاً من المتبارين في سباق الخيل أو في الرماية على أنه هو الذي سيكسب المباراة متراهنون . ولكن هناك حالات أخرى يدق فيها التمييز بين المقامرة والرهان . فمن يشتري ورقة نصيب يغلب أن
يكون متراهناً لا مقامراً ، لأنه لا يقوم بأي دور في محاولة أن يجعل الورقة التي اشتراها هي الكاسبة .

ومثله من يشترك في لعبة الروليت ، إذ هو لا يقوم بأي دور في محاولة جعل الرقم الذي اختاره في اللعب هو الرقم الكاسب ، فهو إذن متراهن لا مقامر . ومن يضارب على الصعود أو على النزول في البورصة ، فيبرم عقوداً آجلة على أن يتقاضى الفروق أو يدفعها ، يغلب أن يكون متراهناً لا مقامراً ، لأنه وإن حاول التنبؤ بالصعود أو بالنزول فضارب على أساس هذا التنبؤ إلا أنه لم يقم بدور إيجابي في محاولة تحقيق الصعود أو النزول الذي ضارب عليه . ومع ذلك فقد درج الناس على أن يسموا المضاربة في البورصة مقامرة .

على أنه حتى في الحالات التي يدق فيها التمييز بين المقامرة والرهان ، لا تكاد توجد أهمية عملية لهذا التمييز ، فأحكام المقامرة في الكثرة الغالبة هي نفسها أحكام الرهان . ولا يكون هناك فرق في الحكم بين المقامرة والرهان إلا إذا نص القانون على ذلك ، كما فعل في إباحة المقامرة – وقد سماها النص ( م 740/1 مدني ) رهاناً خطأ – بين المتبارين شخصياً في الألعاب الرياضية وفي تحريم الرهان على هؤلاء المتبارين ، وسيأتي تفصيل ذلك.

 – خصائص عقود المقامرة والرهان :

وعقد المقامرة أو الرهان يجمع الخصائص الآتية :
أولاً – هو عقد رضائي . فلا يشترط في انعقاده إلا توافق الإيجاب والقبول بين المقامرين أو المتراهنين ، دون حاجة إلى شكل خاص . وتشترط الأهلية الكاملة لصحة التراضي في الأحوال التي يجيز فيها القانون عقود المقامرة والرهان ، فالقاصر إذا
قامر أو راهن في هذه الأحوال يكون عقده قابلاً للإبطال لمصلحته . وتسري القواعد العامة في الإثبات ، فإذا شارك شخص شخصاً آخر في ورقة نصيب ، فإثبات هذه الشركة يخضع للقواعد العامة ، ولا يجوز إثبات الشركة فيما يجاوز عشرة جنيهات
إلا بالكتابة أو بما يقوم قمامها ، والعبرة في ذلك بقيمة الجائزة لا بثمن الورقة .

ثانياً – وهو عقد ملزم للجانبين . ذلك أن كلا من المقامرين أو المتراهنين يلتزم نحو الآخرين بدفع المال المتفق عليه إذا خسر المقامرة أو الرهان . فهو إذن عقد ملزم للجانبين عند تكوينه . أما عند التنفيذ ، إذا كانت المقامرة أو الرهان بين شخصين ، فأحدهما هو الذي يخسر ، ويكون العقد ملزماً له وحده دون الآخر.

ثالثاً – وهو عقد احتمالي ، أو من عقود الغرر كما عنون الباب الرابع من الكتاب الثاني من القسم الأول من التقنين المدني، وهو الباب الذي ينظم المقامرة والرهان وغيرهما من عقود الغرر : المرتب مدى الحياة وعقد التأمين . ذلك لأن عقد المقامرة
أو الرهان عقد لا يستطيع فيه كل من المقامرين أو المتراهنين أن يحدد وقت تمام العقد القدر الذي أخذ أو القدر الذي أعطى ولا يتحدد ذلك إلا في المستقبل تبعاً لحدوث أمر غير محقق ، هو الكسب فيعرف القدر الذي أخذ ، أو الخسارة فيعرف القدر الذي أعطى.

رابعاً – وهو من عقود المعاوضة ، وأكثر العقود الاحتمالية تكون من عقود المعاوضة ، ولو أن عقد التبرع قد يكون احتماليا . والسبب في أنه من عقود المعاوضة أن المقامر أو المتراهن ، إذا كسب شيئاً فذلك في مقابل تعرضه للخسارة ، وإذا خسر شيئاً فذلك في مقابل احتمال الكسب . فهذا الاحتمال ( aléa ) في الكسب أو الخسارة هو الأساس الذي يقوم عليه العقد.

 – التنظيم التشريعي للمقامرة والرهان :

لم يشتمل التقنين المدني القديم على نص في المقامرة والرهان ، فترك الأمر في عهد هذا التقنين للقضاء . وكان القضاء يطبق أحكام القانون الفرنسي ، فلا يجبر من جهة من خسر في المقامرة أو الرهان على أداء التزامه ، ولكنه من جهة أخرى لا يجيز له إذا أدى التزامه اختياراً دون خداع أو غش أن يسترد ما أداه .

وكان القضاء يبيح أيضاً – كما أباح القانون الفرنسي – الألعاب الرياضية التي تقتضي مهارة وحذقاً  Jeux d’adresse
دون الألعاب التي تقوم على الحظ والمصادفة jeux de hazard ، فيجبر الخاسر في الألعاب الأولى على أداء ما التزم به
ولا يكتفي بمنعه من استرداد ما أداه اختياراً .

ولكن التقنين المدني الجديد حرم المقامرة والرهان تحريماً أبعد مدى مما فعل القانون الفرنسي ومن ورائه القضاء
المصري . فأورد نصين ، أبطل في الأول منهما إبطالاً صريحاً كل اتفاق خاص بمقامرة أو رهان . ورتب على هذا البطلان
نتائجه القانونية ، فلم يكتف بمنع إجبار من خسر في مقامرة أو رهان على أداء التزامه ، بل ولو كان هناك اتفاق يقضي
بعدم جواز الاسترداد . وله أن يثبت بجميع الطرق أنه أدى لخسارة ، ويدخل في ذلك البينة والقرائن ، ولو كانت الخسارة
التي أداها تزيد على عشرة جنيهات .

واستثنى التقنين المدني الجديد ، في النص الثاني ، من تحريم المقامرة الألعاب الرياضية ، إذ هي ألعاب نافعة للصحة وتقتضي حذقاً ومهارة ، فأجاز لمن كسب في المبارة أن يجبر م خسر على أداء مقدار ما التزم به ، على أن يكون للقاضي تخفيض هذا المقدار إذا كان مبالغاً فيه . كما استثنى أيضاً ما رخص فيه القانون من أوراق النصيب.

خطة البحث : والأصل ، كما قدمنا ، تحريم عقود المقامرة والرهان فهي باطلة لمخالفتها للآداب والنظام العام . ولهذا الأصل استثناءات تصح فيها هذه العقود . فنبحث أولاً القاعدة العامة ، ثم الاستثناءات .

تحميل الكتاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى