تعديل نظام الطعن بالاستئناف مدخل اساسي لاصلاح قانون المسطرة المدنية المغربي
إعداد الدكتور -عبد العزيز حضري-
تعديل نظام الطعن بالاستئناف مدخل اساسي لاصلاح قانون المسطرة المدنية المغربي إعداد الدكتور -عبد العزيز حضري-
مقدمة:
خاطب الخليفة عمر بن الخطاب أحد قضاته بمانسبة توليته القضاء بقوله ” ولا يمنعك قضاء قضيته بالامس فراجعت فيه
نفسك، فهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق، فالحق قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل”.
تجسد هذه العبارة على قدمها غاية مراجعة الاحكام القضائية، الا وهي احقاق الحق و العدالة، لان القضاء عمل بشري مجبول على الخطأ بالفطرة، ونازع الي المجابلة بالتمدن و المؤانسة، ومسوم بالاختلاف تبعا لقدرات الفهم و الادراك
والدفاع، المتفاوتة بين الناس.
ولازالت التشريعات الوضعية مؤمنة بهذه الغاية ساعية اليها، باحثة عن أفضل سبل تحقيقها، رغم الصعوبات التي تعترض طريقها، والناتجة عن التطور الذي عرفته النظم القانونية،والمفاهيم المستحدثة لدور القضاء في المجتمع.
وقد كان القضاء قديما بسيطا في اجراءاته لا يتدخل الا بقرار حاسم ينهي النزاع، وينفذ فورا ولا يقبل التظلم نادرا، تحقيقا للعدالة السريعة، فأصبحت كثرة الاجراءات و الاوامر القضائية ميزة القضاء الحديث، وغدت المماطلات والحيل المسطرية للمتقاضين افة اجتماعية حقيقية، تحول معها حق الطعن في احكام القضاء من طريق لتحقيق العدالة الى وسيلة
لعرقلتها، فأصبح التنظيم واجبا.
وفي إطار هذا التنظيم، عمدت التشريعات المسطرية الى تنويع طرق الطعن، مراعية تدرج مراتب القضاة، واختلاف
انواع تجربتهم، وتبيان أوضاع المتظلمين من احكامهم، كما تصورت لكل طعن غاية محددة، ووضعت له شروطا وقواعد
واجراءات بما يخدم غايته المفترضة من جهة، ويعاقب كل خرق أو اخلال بهما من جانب المتقاضين، حتو ولو أدى
ذلك الي المساس بفكرة العدالة في صورتها المثالية.
وهذا تم التمييز بين قضاء ابتدائي قابل للمراجعة واخر نهائي، وبين اخطاء الواقع، واخرى من طبيعة قانونية صرفة،
فأصبح طعن الاستئناف يقدم في مواجهة القضاء المبتدأ، أيا كان خطؤه، وغدا النقض وسيلة لمراقبة تطبيق اخطاء
القانون المتصلة بالاحكام الانتهائية، كما تمت مراعاة الاوضاع الخاصة لبعض المتظلمين، فخص الغائبون بحق التعرض،
واعترف للغير بإمكانية الاعتراض على الحكم، إذا لم يتدخلوا قبل صدوره، بل واجيز للنيابة العامة الطعن بالنقض لفائدة
القانون وحده، إن لم يطعن المتقاضون في الحكم……