تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تخصص القانون المدني " ماستر الدراسات القانونية المدنية مراكش"
تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية
يوم الخميس 2 مارس 2023، تمت مناقشة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر الدراسات القانونية المدنية، أعدتها الطالبة زهيرة فاتل، في موضوع: “تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية”.
وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:
الدكتور محمد محروك مشرفا ورئيسا
الدكتور سليمان المقداد مشرفا
الدكتور عبد الهادي نجار عضوا
الدكتور عبد الصادق دكير عضوا
وبعد المداولة تم قبول الرسالة ومنحت للطالبة الباحثة نقطة 20/18.
تقديم:
يعد القضاء وظيفة من وظائف الدولة ومظهرا من مظاهر سيادتها، فإليه يرجع أمر حل الخلافات والنزاعات التي تنشأ بين الأفراد، وترجع له مسؤولية حماية حقوقهم ضمانا لأمن وسلامة الناس في أبدانهم وأموالهم، ولهذه الغاية أنشئت المحاكم وعهد إليها تولي الفصل في المنازعات.
فالهدف الأسمى للمشرع من سن القوانين هو تحقيق العدالة والإنصاف، والمحافظة على حقوق الأفراد وصيانتها إلى جانب الحقوق العامة.
ولما كانت الدعوى الوسيلة القانونية التي يلجأ إليها صاحب المصلحة من أجل الحصول على الحماية القضائية للحقوق والمراكز القانونية من الضياع، غير أن ذلك رهين بوجود قواعد مسطرية وإجرائية وأدوات فنية داخل المحاكم ابتكرتها التشريعات من أجل تحقيق الحماية المبحوث عنها، ومن أهم هذه الأدوات نجد الطلبات القضائية.
فالطلبات القضائية هي الوسيلة التي حددتها مختلف التشريعات والتي يستعملها الطرف الذي كان وراء تحريك الدعوى المدنية ليطلب من القضاء التدخل لحماية حقه، ويتم التقدم بالطلبات وعرضها أمام المحكمة التي تنظر في النزاع بموجب الطلب الأصلي أو المقال الافتتاحي، الذي تفتتح به الدعوى طالبا الحكم له به، غير أن ذلك لا يفهم منه بأن الطلبات التي يمكن لأصحاب الحقوق التقدم بها تنحصر فقط في الطلبات الأصلية والتي من خلالها يتم افتتاح الخصومة المدنية لأول مرة أمام المحكمة، بل توجد طلبات أخرى تقدم أثناء سريان الدعوى بواسطة مقالات عارضة وتسمى بالطلبات العارضة.
إلا أن ما يميز الطلب الأصلي عن الطلب العارض هو أن الأول يكون منشئا للدعوى القضائية المدنية ومحددا لنطاقها، سواء من حيث الأطراف لأن كل طلب يرمي إلى فض منازعة قضائية يجب أن يتوافر على طرفين أساسين: المدعي أو الطالب، وهو الشخص الذي يتقدم بطلب إلى المحكمة يدعي فيه حقا من حقوقه تعرض للتعدي والمساس من الغير، أما المدعى عليه أو المطلوب في الدعوى فهو الشخص الذي رفعت ضده أو قدم الطلب في مواجهته ويشترط أن يكون معينا لأنه لا يمكن قبول دعوى مرفوعة ضد شخص غير معروف أو مجهول.
وأن يكون الطلب الذي يتقدم به المدعي محددا من حيث الموضوع أيضا تحت طائلة اعتباره هو والعدم سواء، وتتعدد الصور التي يمكن أن يتخذها موضوع الطلب القضائي إما المطالبة بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل… وأن يكون الطلب بالإضافة إلى ما سبق محددا من حيث السبب، والذي يجب أن يكون قانونيا و مشروعا وإلا كان مآله الرفض، إضافة إلى أنه يحدد المحكمة المختصة نوعيا وقيميا ومحليا.
موضوع ذا صلة: الطلبات وأنواعها
أما الطلب العارض هو الوسيلة التي بمقتضاها يستطيع الخصوم في الدعوى والغير عنها وبعد بدء إجراءات الخصومة وأثناء سيرها أن يعالجوا الطلب الأصلي بمده مدا قانونيا يتجاوز النطاق الضيق الذي رسم له بالمقال الافتتاحي ويؤدي قبوله إلى تعديل نطاق الخصومة بالزيادة أو النقصان في الموضوع أو الأطراف أو السبب.
ولعل الغاية التي سعت التشريعات إلى تحقيقها من خلال إرساء الطلبات العارضة نجد الاقتصاد في الوقت والإجراءات خاصة وأن الطلبات العارضة تعتبر فرصة لجمع شتات النزاع والحفاظ على وحدته وكيانه.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن القول بأن جميع الطلبات التي تقدم إلى جانب الطلب الأصلي تعتبر طلبات عارضة وإن كان ظاهرها يوحي إلى ذلك ومنها الطلبات الاحتياطية، والتي تختلف عن سابقتها بكونها هي الطلبات التي لا تلزم المحكمة بالفصل فيها إلا في حالة رفض الطلب الأصلي لسبب من الأسباب، لأن الحكم في الطلب الأصلي من جانب المحكمة يحجم عنها النظر في الطلب الاحتياطي، على عكس الطلب العارض الذي يضاف إلى هذه الطلبات الأصلية ليشكل معها وحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة.
ويختلف الطلب العارض أيضا عن المسائل العارضة وإن كانت هذه المسائل تبدى بمناسبة طلب أصلي وأثناء النظر فيه غير أنها تختلف عن الطلبات العارضة في أنها لا تؤثر على الدعوى الأصلية وهي بذلك لا تؤدي إلى اتساع نطاق الدعوى المدنية في أحد عناصرها –الموضوع والسبب والأشخاص-.
موضوع ذا صلة: ايقاف تنفيذ الأحكام المدنية
ولا ينفرد المدعي وحده بتقديم الطلبات العارضة، إذ يسمح للمدعى عليه أيضا باستعمال نفس الوسائل قصد التصدي للطلب الأصلي الموجه ضده متجاوزا بذلك حالة الدفاع التي وضعه فيها الطلب الأصلي، كما يمكن استعمالها –الطلبات العارضة- من طرف الغير المتدخل في النزاع الذي لم يكن في الأصل طرفا فيه مخافة من أن يضر الحكم الذي قد يصدر فيه بمصالحه، وعليه نجد أن هذه الطلبات تنقسم إلى عدة أنواع؛ فيمكن أن تقدم الطلبات العارضة من المدعي فتسمى طلبات إضافية أو من المدعى عليه فتسمى مقابلة أو مضادة وقد أسماها البعض بوسيلة دفاع هجومية، أو تقدم من قبل أحدهما (المدعي أو المدعى عليه) في مواجهة شخص خارج الخصومة وتسمى إدخالا، أو تقدم من طرف الغير اتجاه أحد أطراف النزاع أو هما معا فيسمى تدخلا إراديا.
فبالرغم من ما ينتج عن السماح بإبداء طلبات عارضة أثناء سير الخصومة من فوائد عملية سواء للخصوم أو القاضي أو لحسن سير العدالة، إلا أن هناك مساوئ كثيرة تنتج عن فتح تقديم الطلبات العارضة بشكل مطلق لأنه لو كان الأمر كذلك لكان سببا في ضياع معالم النزاع الأصلي مما يؤدي إلى تشعب النزاعات في اتجاهات متناقضة وبذلك تعقيد الخصومة ويعرقل سير العدالة وتأخير الفصل فيها، لذلك عمدت مختلف التشريعات إلى تحديد نطاق وشروط قبول هذه الطلبات ومن هذه الضوابط أن يكون هناك ارتباط بين الطلب الأصلي والطلب العارض فالارتباط يؤدي إلى تجميع عناصر النزاع مرة واحدة أمام محكمة واحدة لتحقيقها والحكم فيهما معا، من أجل حسن سير العدالة وتجنب تعارض الأحكام، ومن الشروط كذلك لقبول الطلبات العارضة ضرورة تقديمها قبل قفل باب المرافعة والذي يجيز تقديم الطلبات العارضة في أي حالة تكون عليها الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى، طالما كان باب المرافعة لا يزال مفتوحا، أما إذا أقفل باب المرافعة امتنع تقديم الطلب العارض واعتبرت الدعوى قاصرة على الطلبات التي أبديت فعلا حتى هذا الوقت، وتقوم المحكمة برفض الطلبات التي تقدم بعد ذلك إلا استثناء إذا وجد ما يبرر قبولها، ثم من الشروط أخيرا ضرورة أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة بصندوق المحكمة.
ومما لاشك فيه أن قبول هذه الطلبات العارضة بعد توافر الشروط اللازمة ينتج عنه لا محال مجموعة من الآثار تمس بالتغيير عناصر الطلب القضائي سواء من حيث الموضوع أو الأشخاص أو السبب إضافة إلى تأثير الطلبات العارضة على قواعد الاختصاص – المحلي أو النوعي أو القيمي-.
وإذا كان للأطراف والغير سلطة واسعة في تقديم طلبات عارضة أمام المحكمة الابتدائية مع ضرورة احترام الشروط التي رسمها القانون والفقه في هذا الإطار، فالدعوى يمكن أن تعرف تطورات أمام محكمة الاستئناف خاصة وأن هناك مجموعة من المبادئ التي يجب احترامها أمام هذه الأخيرة كمبدأ التقاضي على درجتين ومبدأ الأثر الناقل للاستئناف وينتج عن احترام هذه المبادئ قاعدة منع تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الاستئناف سواء كانت طلبات عارضة أو أصلية.
وهكذا نصت مختلف التشريعات في قوانينها المسطرية على قاعدة منع تقديم طلبات جديدة في الاستئناف كلما انصبت جدة الطلب على أحد العناصر الرئيسية المكونة له في المرحلة الاستئنافية، منها المشرع المغربي الذي نص عليها بمقتضى الفصل 143 من قانون المسطرة المدنية[1]، والمشرع المصري في المادة 235 من قانون المرافعات المصري، ثم كذلك المشرع الفرنسي في المادة 564 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي الجديد.
غير أن هذه القاعدة المشار إليها أعلاه عرفت مجموعة من التغيرات بفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها مختلف المجالات القانونية، الأمر الذي جعل أغلب التشريعات تسير في اتجاه تحديث قواعد ووظيفة الاستئناف، من النظرة التقليدية التي تقتضي المحافظة على مبدأ التقاضي على درجتين إلى نظرة حديثة التي تجعل الاستئناف وسيلة لإنهاء النزاع، حيث أجازت تقديم طلبات جديدة كاستثناء وارد على قاعدة منع تقديم طلبات جديدة في المرحلة الاستئنافية في سبيل إنهاء النزاع والحسم الكلي فيه.
والمشرع المغربي بدوره لم يكن عن منأى عن هذه التطورات حيث ضمن في المادة 143 من قانون المسطرة المدنية مجموعة من الاستثناءات يؤدي قبولها لا محال إلى توسيع الخصومة المدنية أمام محكمة الاستئناف.
موضوع ذا صلة: تطور قانون المسؤولية المدنية
أهمية الموضوع:
يعتبر موضوع تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية وعلى غرار باقي مواضيع القانون الإجرائي لا يخلو من أهمية ويتجلى ذلك من خلال ما يلي:
تكمن أهمية الموضوع في الآثار المهمة التي تنتج عن تقديم الطلبات العارضة سواء أمام محكمة الدرجة الأولى أو أمام محكمة الدرجة الثانية فهي تؤثر مباشرة على الدعوى الأصلية وتؤدي إلى توسيع نطاقها سواء من حيث موضوعها فالمدعي قد يستجد له ظروف لم تكن قبل رفع الدعوى و يعمد إلى إضافة طلبات أخرى دون رفع دعوى أخرى نظرا للارتباط الحاصل بينها وبين الطلب الأصلي، ويمكن أن يقع في خطأ ويتداركه بإصلاحه، كما أن مكنة الطلبات العارضة تمتد أيضا لتمارس من قبل المدعى عليه بتقديم طلبات مقابلة أو مضادة بدلا من الاقتصار على الدفوع الشكلية أو الموضوعية أو الدفع بعدم القبول.
ومن جهة أخرى فإنه بالرغم من القاعدة التي تقضي بنسبية آثار الحكم بحيث أن الحكم لا يكون حجة إلا على الأطراف الأصلين للخصومة، إلا أن هذا الأخير قد يمس شخصا آخر خارج عن الدعوى، ويحدث أن يسلب حقوقه، ولما كان من غير العدل أن يتأثر شخص من حكم لم يكن طرفا فيه، أوجد المشرع مكنة التدخل الإرادي في الدعوى لكل من له مصلحة في النزاع المطروح وذلك للحفاظ على حقوقه من الضياع، فهي وسيلة وقائية لتحصيل الحقوق قبل صدور الحكم بدل ممارسة طعن الغير الخارج عن الخصومة بعد صدوره، وطلبات التدخل بمجرد قبولها تؤدي إلى تعديل أطراف الخصومة الأصلين، بل وقد تتجه إرادة الأطراف أو المحكمة إلى إدخال طرف آخر له علاقة بالنزاع القائم كلما رأت مصلحة في ذلك استنادا إلى سلطتها التقديرية.
فالطلبات العارضة قد تكون وسيلة وقائية تهدف لحماية الأطراف والغير من نتائج غير عادلة، إذا ما تم الحفاظ على مبدأ ثبات النزاع، فهي تعد حلا قبليا يمارسه الأطراف والغير عوض اللجوء إلى بعض طرق الطعن التي خولها القانون خاصة بالنسبة للغير والذي يتمثل في التعرض الغير الخارج عن الخصومة.
وعليه، فإن السماح بتقديم الطلبات العارضة يحقق أهمية كبيرة تتجلى في الاقتصاد في الوقت والإجراءات والنفقات و الحد من تكرار الدعاوى، كل هذه المبررات تؤدي بدون شك إلى تقليص عدد الملفات المعروضة أمام القضاء لتفادي إصدار أحكام متناقضة فغايتها السعي وراء استكمال القضاء للرؤية الواضحة بشأن النزاع والتي ما كانت كذلك لولا تقديم الطلبات العارضة إلى جانب الطلبات الأصلية.
دواعي اختيار موضوع “تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية”
إن الوقوف عند أهمية موضوع تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية وما يحققه من أهداف دفعت بي إلى محاولة تناول هذا الموضوع بالبحث والدراسة، خاصة وأن الدراسات الفقهية المغربية عموما وعلى وجه الخصوص الأكاديمية لم تتناول هذا الموضوع بشكل معمق.
أضف إلى ذلك قلة النصوص القانونية المنظمة لموضوع الطلبات العارضة سواء أمام المحكمة الابتدائية أو أمام محكمة الاستئناف، بل إن نصوصه القانونية جاءت موجزة لدرجة الإبهام في بعض المسائل، على عكس الطلبات الأصلية التي حضيت باهتمام المشرع الوفير خاصة فيما يتعلق بشروط تقديم هذه الطلبات ومسطرة تقديمها والآثار التي تترتب عن قبولها.
نطاق البحث “تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية”
قد تناول المشرع المغربي الطلبات العارضة عامة في إطار الباب الرابع في الفصول من 103 إلى 108 ومن 111 إلى 113 و الفصل 143 و 144 من قانون المسطرة المدنية، غير أنه لم يقم بالتفصيل في كل ما يتعلق بها في إطار هذا الباب، إذ أنه لم يقم بتحديد الحالات التي يجوز فيها للأطراف تقديم طلباتهم العارضة عكس المشرع المصري الذي قام بتعدادها ، ولم يقم بإعطاء تعريف لأنواعها عكس المشرع الفرنسي الذي تولى ذلك.
ولعل أهم الخصوصيات التي تميز الطلبات العارضة كونها سمح المشرع بتقديمها بمناسبة خصومة قائمة، ومن مميزاتها أنها تعمل بشكل أو بآخر على توسيع نطاق الدعوى القضائية المدنية بالزيادة أو بالنقصان مما يؤدي إلى ليونة مبدأ ثبات النزاع الذي يعمل على جعل النزاع ثابتا كيفما طرحه أطرافه في المقال الافتتاحي للدعوى تحقيقا لحقوق الدفاع وحماية الطرف المدعى عليه من عنصر المفاجأة، إلا أن توفير الزمن القضائي وجمع شتات النزاع وتقليل المصاريف القضائية كان ذلك نتاجا ملحا لظهور نظرية الطلبات العارضة، وقد تطرق المشرع المغربي لهذه المكنة ناهجا بذلك نهج التشريعات المقارنة فالطلبات العارضة موضوع الدراسة هي ليست على نوع واحد بل عدة أنواع فإذا ما نظرنا لها من زاوية العناصر التي ينصب عليها التغيير نجدها تنقسم إلى طلبات عارضة لها تأثير على نطاق الخصومة من حيث الموضوع، أي أنها تتخذ بالتغيير موضوع الطلب الأصلي سواء بالزيادة فيه أو بالنقصان منه ويمكن أن يكون هذا التغيير ناتج عن تقديم المدعي لطلباته العارضة، كما يمكن أن يكون نتيجة طلبات عارضة من المدعى عليه بل ويمكن للغير أن يتدخل في الدعوى ويحدث تغييرا في موضوعها، ويمكن أن تأثر الطلبات العارضة على نطاق الخصومة من حيث الأطراف ومن حيث السبب أيضا.
ويعتبر التقاضي على درجتين، من بين أهم المبادئ التي يقوم عليها التنظيم القضائي المغربي، غير أن هذا الموضوع يطرح إشكالية مدى إمكانية قبول هذه الطلبات العارضة أمام محكمة ثاني درجة، وإذا ما سلمنا بإمكانية تقديم هذه الطلبات أمام محاكم الاستئناف ألا يعد ذلك ضربا في مبدأ التقاضي على درجتين ومبدأ الأثر الناقل للاستئناف.
إشكالية الموضوع “تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية”
إن الأهداف التي سعت مختلف التشريعات إلى تحقيقها من خلال إرساء نظرية الطلبات هي مسايرة الظروف الاقتصادية والاجتماعية ومن تمت تحقيق المرونة الإجرائية، فهي وسيلة لتحقيق التوازن بين المبادئ الثابتة والراسخة في قانون المسطرة المدنية وبين الوظيفة الحديثة للاستئناف الرامية إلى إنهاء النزاع وحسمه بشكل كلي، وإن كانت مختلف التشريعات بما فيها التشريع المغربي تسعى إلى جمع شتات النزاع وتخفيف عبء القضاء من كثرة القضايا المعروضة خاصة تلك التي لها ارتباط بدعوى أخرى جارية أمام المحكمة.
وهنا تظهر لنا إشكالية أساسية يتمحور حولها الموضوع مفادها: هل فعلا منحت التشريعات من خلال النصوص المنظمة للطلبات العارضة سواء أمام المرحلة الابتدائية أو الاستئنافية إمكانية التعديل والتأثير المباشر على نطاق الدعوى المدنية الأصلية بشكل يتحقق معه التوازن بين مختلف المبادئ الإجرائية التقليدية المنظمة للتقاضي والثابتة في قانون المسطرة المدنية وظهير التنظيم القضائي وبين الأهداف والوظيفة الحديثة التي أصبحت لها غاية وأهمية أكثر تشددا تتمثل في محاولة حسم النزاع.
ويتفرع عن هذا الإشكال أعلاه مجموعة من التساؤلات تتمثل فيما يلي:
- ما هي أنواع الطلبات العارضة؟.
- كيف تؤثر الطلبات العارضة على موضوع الدعوى و سببها و أشخاصها؟
- هل قبول الطلبات العارضة له تأثير على قواعد الاختصاص؟.
- كيف يتم صياغة الحكم الذي يتضمن الطلب العارض؟.
- هل يمكن تقديم الطلبات العارضة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف؟ وإن كان الأمر بالإيجاب ماهي الطلبات التي خول المشرع إمكانية تقديمها؟.
المنهج المعتمد:
إن البحث في المواضيع القانونية مسألة تقتضي من الباحث الإسناد في ذلك إلى مجموعة من الضوابط والمناهج العلمية، من خلالها يسعى إلى بلوغ الغاية المتوخاة من وراء البحث العلمي.
وهكذا، اعتمدت دراسة هذا الموضوع والمعنون ب ”تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية”، على مجموعة من المناهج العلمية، بدءا من المنهج الوصفي الذي لا بد لأي بحث علمي أن ينطلق منه لوصف وتبيان العناصر الأساسية التي تخدم الموضوع، وبسط الأفكار الأساسية التي يقوم عليها، كما اعتمد هذا البحث على المنهج التحليلي الذي سمح لنا من خلاله تحليل مختلف النصوص القانونية التي تخدم الموضوع، ومختلف الآراء الفقهية التي أدلت بدلوها فيه محاولة الوصول إلى استنتاجات ومواقف.
إضافة إلى المنهج المقارن، فقد شكل أحد أهم البنية التركيبية للموضوع، على اعتبار أن دراسة هذا الأخير كانت في إطار دراسة مقارنة للقانون المغربي، مع مختلف التشريعات الأخرى، التي كان لها موقف في هذا البحث.
خطةالبحث: جاء هذا البحث موسوما ب” تأثير الطلبات العارضة الدعوى المدنية” ومنتظما في فصلين تحتهما مبحثين:
خصصنا الفصل الأول للحديث عن آثار الطلبات العارضة على الدعوى المدنية أمام المحكمة الابتدائية، من خلال الوقوف على حدود تأثير الطلبات العارضة على عناصر الدعوى الأصلية من جهة في مبحث أول، أما في المبحث الثاني خصصناه للحديث عن تأثير الطلبات العارضة على القواعد الإجرائية للدعوى المدنية.
أما الفصل الثاني عنوناه بآثار الطلبات العارضة على نطاق الدعوى أمام محكمة الاستئناف، حاولنا الوقوف في المبحث الأول لقاعدة منع تقديم طلبات عارضة جديدة أمام محكمة الاستئناف، أما في المبحث الثاني خصصناه للحديث عن جواز تقديم طلبات عارضة استثناء أمام محكمة الاستئناف.
وتبعا لذلك فإن خطة بحث موضوع تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية ستكون وفق التالي:
– الفصل الأول:آثار الطلبات العارضة على الدعوى المدنية أمام المحكمة الابتدائية.
– الفصل الثاني: آثار الطلبات العارضة على نطاق الدعوى أمام محكمة الاستئناف.
للاطلاع على موضوع تأثير الطلبات العارضة على الدعوى المدنية، المرجو زيارة خزانة كلية الحقوق بمراكش.