ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
في القانونمقالات

الدور الإنشائي للقاضي الإداري: التجليات والمعيقات

للدكتور حيضرة عبد الكريم

الدور الإنشائي للقاضي الإداري: التجليات والمعيقات

تقديم:

  الأصـل أن مهمـة القاضي تقتصر على تطبيق القانون والنطق بحكمه بصـدد حالة معينة، لكن وظيفة القاضي الإداري تتجاوز ذلك، فالقضاء الإداري لم يكن مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني، بل قضاء إنشائيـا يبتدع النظريات ويبتكر المبادئ القانونية، ويجد الحلول المناسبة التي تتفق مع طبيعة العلاقات التـي تنشـأ بيـن الإدارة والأفراد، خاصة عند غياب نص قانوني يحكـم المنازعة الناشئة عن مثل هذه العلاقات.

ذلك أن طبيعة وظيفة القاضي الإداري تقتضي ألا يقف عاجزا عن ابتكار الحلول المناسبة للنزاع المطروح أمامه لمجرد جمود القواعـد القانونية، وهو ما يفسر الأهمية التي يكتسيها الاجتهاد القضائي بين مصادر القانون الإداري، ويكفي أن نعود إلى المحاور الكبرى لهذا القانون لكي نقف على حقيقة أن الاجتهاد القضائي كان وراء معظم نظرياته.
وحتى في العصر الحالي لازال القانون الإداري قانونا قضائيا، بالرغم من كثرة النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة للمـادة الإدارية، ودور القاضي الإداري مهم في حماية مبـدأ الشرعية والتوسيع من كتلتهـا، بحيث لا يكتفي بصريح النصوص القانونية فقط، بل يتجاوز ذلك إلى روح القاعدة القانونية منخلال إعمـال المبادئ العامة للقانون، لتقترب في ذلك وظيفتـه من وظيفة المشرع المعهود إليه بصناعة التشريع.
فماهـي تجليات الوظيفة الإنشائية للقاضي الإداري؟ وماهي حدودهـا؟ وإلى أي حد لازالت مقولة «القانون الإداري قانون قضائي» صحيحة في ظل كثرة النصوص القانونية التي تهم المادة الإدارية؟ عـن هـذه الأسئلة وعن غيرها سأحاول الإجابة في هذه الدراسة، حيث سأتعرض في المبحث الأول لتجليات الدور الإنشائي للقاضي الإداري من خلال إعمال المبادئ العامة للقانون، في حين سأخصص المبحث الثاني لدراسة حدود الدور الإنشائي للقاضي الإداري.

المبحث الأول: تجليات الدور الإنشائي للقاضي الإداري: المبادئ العامة للقانون نموذجا
يقصد بالمبادئ العامة للقانون مجموع القواعد القانونية المترسخة في ضمير الأمة، والتي يتم اكتشافها بواسطة القضاء ويعلنها في أحكامه، فتكتسب قوة إلزامية وتصبح بذلك مصدرا من مصادر الشرعية (1).

موضوع ذا صلة : القضاء الاستعجالي للمحكمة الادارية بالرباط

وفي نفس السياق فقد عرفها الأستـاذ De Laubadre بأنها عدد من المبادئ التي لا تظهر مصاغة في نصوص مكتوبة، ولكن يعترف بها القضاء باعتبارها واجبة الإتباع من طرف الإدارة، ومخالفتها تمثل انتهاكا لمبـدأ الشرعيـة (2). وبالتالي فهي قواعد غير مكتوبة لهـا قـوة القانون، ومن ثم يجب على الإدارة احترامها عند إصدار قراراتها، طالما أن المشرع لم يتدخل صراحة ليصدر نصوصا مخالفة لهذه القواعد (3).
ويمكن تحديد أهم خصائص المبادئ العامة للقانون فيما يلي:
– المبادئ العامة للقانون نظرية قضائية محضة ابتدعها القضاء ولاسيما مجلس الدولة الفرنسي.
– نظرية المبادئ العامة للقانون نتيجة لتطور طويل قبل أن تستقر كنظرية متكاملة.
تتميز المبادئ العامة للقانـون بدرجة كبيرة مـن العموم والتجريد تفـوق أحيانا القاعـدة التشريعية
المكتوبة.
المبـادئ العامة قواعد غير مكتوبة، فبالرغم من أنها قواعد ملزمة للإدارة إلا أنها لا تستمد تلك القوة الملزمة بصورة مباشرة من أية قواعد مكتوبة بالذات، فمجلس الدولة منذ أن أعلن ميلاد نظرية المبادئ العامة للقانون رسميا في أحكامه، يصر على أن يصفها بأنها واجبة التطبيق حتى بدون نص أو مع غياب النص (4).

موضوع ذا صلة : اختصاص القاضي الاداري في منازعات الملكية العقارية
المطلب الأول: القاضي الإداري مشرع المبادئ العامة للقانون
يرى البعض أن دور القاضي محدود في تقرير المبادئ العامة للقانون، ولا يرقى لأن يصبح مصدرا لقوتهـا الإلزامية، وإنمـا مصدرها الحقيقي هو النصوص الوضعية مثل الدساتير ومقدماتها، والمواثيق والتشريع… وهنـا لا يكون القاضي الإداري «مشرعا» لهذه المبادئ التي لا تستمد قوتها الإلزامية من الحكم، وإنما ترتد إلى مصدرها، فدور القاضي هنا لا يتعدى مجرد التطبيق للمبدأ، شأن تطبيقه للقاعدة القانونية التشريعية، ويعتمد هـذا الاتجاه من الناحية النظرية على فكرة أن القواعـد القانونية مصدرها الرسمي هو القانون المكتوب، ومن ثم فلا يعتبر القضاء مصدرا رسميا لقواعد القانون….

للاطلاع على كامل مقالة الدور الإنشائي للقاضي الإداري: التجليات والمعيقات، المرجو تحميلها: 

للتحميل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى