ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
كتب
أخر الأخبار

التنظيم القضائي المغربي مع دراسة مستجدات مشروع القانون رقم 38.15

إعداد الدكتورة/ حسنة الرحموني

التنظيم القضائي المغربي مع دراسة مستجدات مشروع القانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي في ضوء قرار المحكمة الدستورية الصادر في 8 فبراير 2019

مقدمة

عرف المغرب عدة نظم قضائية عبر التاريخ، ومنذ دخول المغاربة إلى الإسلام بالخصوص، برز تطبيق المذهب المالكي أمام القضاء سواء في مجال العبادات أو المعاملات، إلى جانب تطبيق بعض الأعراف المحلية التي تختلف من منطقة لأخرى، فضلا عن وجود المحكمة العبرية التي تختص بالنظر في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية لليهود، ومع ظهور القوى الاستعمارية الكبرى التي أصبحت تبسط هيمنتها على المغرب شيئا فشيئا برزت للوجود المحاكم القنصلية ابتداء من القرن التاسع عشر مع ظهور نظام الامتيازات الذي مهد لبسط الحماية على المغرب سنة 1912.

وابتداء من هذه السنة، أحدثت بالمغرب محاكم جديدة في كافة المناطق المستعمرة من طرف فرنسا في المنطقة الوسطى، ومن طرف اسبانيا في المناطق الشمالية، فضلا عن محاكم الدول الأجنبية في منطقة طنجة الدولية، وعلى رأسها محاكم الصلح والمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، والتي تعايشت إلى جانب النظم القضائية التي كانت سائدة قبل الحماية إلى أن حصل المغرب على استقلاله، حيث بدأ ورش الإصلاحات الكبرى للقضاء الذي ما زال مفتوحا إلى اليوم.

ذات صلة: محاضرات في التنظيم القضائي المغربي

وقد توجت سنة 1974 بصدور قانون جديد بشأن التنظيم القضائي (قانون 15 يوليوز 1974 المعدل لظهير 26 يناير 1965) وقانون المسطرة المدنية الجديد الصادر في 28 شتنبر 1974، وقد أنشأ هذا الإصلاح محاكم الجماعات والمقاطعات والتي يتم اختيار حكامها من فئة معينة من المواطنين للبت في القضايا البسيطة وفق إجراءات مبسطة بأحكام غير قابلة للطعن إلا في حالات استثنائية.

وأصبح التنظيم القضائي مكونا من محاكم الجماعات والمقاطعات والمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف والمجلس الأعلى.

وابتداء من سنوات التسعينات، بدأت الأوراش الكبرى ببلادنا على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وقد أدخل المغرب عدة إصلاحات على مستوى التنظيم القضائي، ويظهر بالخصوص في إحداث نوعين جديدين من المحاكم المتخصصة، بغرض تكريس دولة الحق والمؤسسات وسيادة القانون، بحكم أن إصلاح قطاع العدل ركيزة أساسية لتحفيز الاستثمار والتنمية ببلادنا، فأحدثت المحاكم الإدارية بتاريخ 10 شتنبر 1993 ثم تلتها المحاكم التجارية بتاريخ 12 فبراير 1997.

وقد تم تعزيز القضاء الإداري في 14 فبراير 2006 بإحداث محاكم الاستئناف الإدارية.

وتجدر الإشارة إلى أن سنة 2011 عرفت صدور تغييرات جوهرية على مستوى التنظيم القضائي، فقد أعلن الدستور الجديد عدم إمكانية إحداث المحاكم الاستثنائية وبموجب ألغيت المحكمة العليا المحدثة للبت في الجنايات والجنح المرتكبة من أعضاء الحكومة أثناء ممارسة مهامهم.

ذات صلة: الوجيز في التنظيم القضائي المغربي

ومن بين التعديلات الهامة أيضا، الإصلاح الذي أدخله المشرع المغربي في شهر أكتوبر 2011، حيث حلت أقسام قضاء القرب المحدثة بالمحاكم الابتدائية محل محاكم الجماعات والمقاطعات وذلك للبت في القضايا البسيطة التي تستلزم إجراءات سريعة.

كذلك تم إحداث غرف استئنافية بالمحاكم الابتدائية للبت في القضايا التي لا تتجاوز 20000 درهم بهدف تقريب المواطنين من القضاء بموجب القانون 10-34 الصادر في 17 غشت 2011، كما تم إحداث أقسام الجرائم المالية بمحاكم الاستئناف المحددة دوائر نفوذها بمرسوم بمقتضى القانون رقم 10-36 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية.

ورغم إنشاء عدة محاكم متخصصة، فإن المشرع المغربي بقي وفيا لمبدأ وحدة القضاء لوجود محكمة نقض واحدة تنظر في نقض جميع الأحكام الانتهائية الصادرة عن محاكم المملكة بغض النظر عن نوعها عادية أو متخصصة في القضايا التجارية أو الإدارية.

ونظرا لهذه الإصلاحات الكثيرة والجوهرية التي أدخلها المشرع المغربي، وتنفيذا التوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، فقد كان لزاما تعديل ظهير التنظيم القضائي، فقامت وزارة العدل بإعداد مشروع القانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي والذي وافق عليه مجلس النواب في 7 يونيو 2016، وصادق عليه مجلس المستشارين مع إدخال بعض التعديلات في 7 يونيو 2018، ثم أحيل على مجلس النواب الذي وافق عليه في 18 دجنبر 2018 بعد
إدخال تعديلات جديدة عليه، وعوض نشره في الجريدة الرسمية أحالته الحكومة على المحكمة الدستورية، والتي أصدرت قرارها في 8 فبراير 2019  بعدم مطابقة بعض مقتضياته للدستور، مما جعله يتأخر في الصدور إلى حدود اليوم.

ذات صلة: دور التفتيش القضائي و الاداري والمالي للمحاكم في تحقيق الحكامة القضائية

إلا أن مشروع القانون جدير بالدراسة والتحليل، فهناك عدة أمور حسم فيها، وهناك بعض النقط التي سيتم إعادة النظر فيها، ولذلك سنتناول دراسة قانون التنظيم القضائي الحالي مع مقارنته بمشروع القانون 15-38 في ضوء قرار المحكمة الدستورية وسنقتصر في هذه الدراسة على تناول المحاكم المنصوص عليها في الفصل الأول من
قانون التنظيم القضائي واختصاصاتها (الباب الأول)، ثم نتعرض لدراسة الفئتين الأساسيتين المشكلتين للمحاكم، وهم القضاة وموظفي كتابة الظبط ( الباب الثاني)، وقبل ذلك يجدر التطرق في فصل تمهيدي إلى القواعد التي تنظم سير العدالة أو ما يسمى بمبادئ التنظيم القضائي.

والجدير بالذكر أن الفصل الأول من ظهير التنظيم القضائي للمملكة  ينص على ما يلي:

“يشمل التنظيم القضائي المحاكم التالية:
1- المحاكم الابتدائية؛
2- المحاكم الإدارية؛
3- المحاكم التجارية ؛
4- محاكم الاستئناف؛
5- محاكم الاستئناف الإدارية ؛
6- محاكم الاستئناف التجارية؛
7- محكمة النقض.
وتعين مقارها ودوائر نفوذها وعدد موظفيها بمقتضى مرسوم.”

التنظيم القضائي المغربي مع دراسة مستجدات مشروع القانون رقم 38.15 يتعلق بالتنظيم القضائي في ضوء قرار المحكمة الدستورية الصادر في 8 فبراير 2019

تحميل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى