ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
كتب للتحميل
أخر الأخبار

خلاصة تاريخ الأندلس

تأليف الدكتور -شكيب أرسلان-

خلاصة تاريخ الأندلس

 تمهيد

لا أقصد بهذا الكتاب استقصاء تاريخ الاندلس الاجمالي ، فقد كنت منذ نشأتي ممن لا يحبون التأليف فيما كثر فيه التأليف وطال فيه المقال ، كأنما أعده تكرار لسابق ، أو اعادة لصدى ؛ وخلوا من كل براعة.

وأخبار الأندلس مستفيضة في التواریخ شرقا وغربا ، ومعروفة عند الأدباء بما لا يكون التأليف فيه سوى زيادة في عدد الكتب ، وانما يستحب الإنشاء فيما ندر فيه الكلام ، وعز البحث وطمست الأعلام ، فاذا قرأته العامة بل الخاصة سقطت منه على جديد ذي طلاوة ، ولم تسأمه النفوس لعدم تداولها مطالعه لمرة بعد الأخرى مدارسة كتب القواعد التي لا تتغير.

فأشد الاقسام عوزا إلى البحث من تاريخ هذه البلاد التي لا نزال نحسبها عربية لكون أحسن أيامها ما كان من أيام العرب فيها  انما هو القسم الأخير، وأحوج طائفة أخبارها الى التدوين ما تعلق بدور الجلاء وعصر الخروج من بلاد كانت مدة الضيافة فيها ثمانمائة سنة ، لأن هذا الحادث الكبير الذي هو من أضخم الحوادث في الإسلام وقع على حين خمول من القرائح العربية.

وبعد مرور زمن العلم والفلسفة عند معشر الناطقين بالضاد ، ولدى اقحاط البلاد بالأدمغة المتوقدة ، وعقم الأمة عن الرؤوس المولدة ، بحيث فاته من التأليف والكتابة فيه ما لم يكن ليفوته لو وقع قبل ذلك بقرئين أو ثلاثة ، فإنه لا عطر بعد عروس.

نعم لا أنكر أن ( کتاب نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ) للعلامة المقري هو من أوقي الكتب بأخبار الأندلس وآدابها : حقيبة أنباء ، وقمطر حوادث وخزانة آداب ، وکشکول لطائف وديوان اشعار ، وقد كان عهد تصنيفه على إثر النازلة الكبرى بباقي الأندلس ، وأمتصاص سؤر الكاس وعفاء الأثر الأخير من سلطان المسلمين فيها ، بحيث أمكن لصاحبه ذكر سقوط مملكة غرناطة واستيلاء الاسبانيول على الجميع ، وختم الدولة الاسلامية في تلك الديار , ولكنه ككثير من مؤرخينا أو مؤلفينا الذين لا يرعون النسبة بين الأشياء.

ولا ينتبهون الى قاعدة أن الحسن انما هو تناسب الأعضاء ، فقد بحث في هذا الخطب الجلل و الحادث العمم بحثا هو دون حقه بدرگات ، وأتى عليه كما يأتي على واقعة متوسطة البال من الوقائع التي أشار اليها في بطن كتابه ، وأستوعبه في أوراق يسيرة كانت لطافتها في كثافتها ، فان التناسب يقضي باعطاء كل مقام من المقال ما يكافيه ، ويقوم بحقه ، ويجيء على قدره .

ولو فسح الفاضل المقري – رحمه الله – لواقعة سقوط مملكة غرناطة وحادث انقراض أمر الإسلام بالأندلس ، ما نسحه في تاريخه للنشر الكثير الذي يغني عن كله بعضه من المخاطبات التي صدرت عن لسان الدين بن الخطيب ، أو وجهت اليه أو إلى غيره ، أو الشعر الغزير الذي كثير منه حقيق بالاسقاط من ذلك المجموع، أو القصص التي يرويها عن بعض المشايخ مع طول اناة غريب في الاستقصاء ، مع أنه ليس فيها ما يرفع أقدارهم إلى السماء لكان ذلك أجزل قائدة وأستى موقعة.

وكانت الناس قد شفت غليلها من خبر هذه الطامة التي لكل الحوادث سلوان يسهلها وليس لها سلوان كما قال أبو البقاء الرندي ، ولكفينا مؤونة النقل عن كتب الافرنج في ما يختص بالعرب ، وحسبك أنه ذكر جميع وقائع السلطان أبي عبد الله بن الأحمر وعمه الزغل ، وذهاب تلك المملكة ، وما جرى في ضمنه من الحروب ، وما حصر من المدن في مسافة من التاريخ استوعبت أطول منها رسالة واحدة صادرة عن ذلك السلطان الى الشيخ  الوطاسي صاحب فاس في موضوع ابرد ما فيه – مع طوله- انه اعتذار عن سقوط آخر ممالك المسلمين بالأندلس على يده بأن الخطب غير نادر المثال……

خلاصة تاريخ الأندلس

تحميل الكتاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى