ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
كتب للتحميل
أخر الأخبار

اللغة العربية والقانون

تأليف / الدكتور أحمد عبد الظاهر

اللغة العربية والقانون

 مقدمة

اللغة هي إحدى الوسائل التي يعبر بها الإنسان عن فكره وثقافته ومكنون نفسه، بل إننا لا نغالي إذا قلنا إنها أهم هذه الوسائل. ولا تقتصر أهمية اللغة على التواصل بين بني البشر، وإنها تمتد الى التعامل مع بعض الحيوانات كالقرود والكلاب البوليسية. فاللغة نعمة من الله عز وجل للإنسان، شأنه في ذلك شأن كل الحيونات التي تمتلك نظاما من الرموز والإشارات للتفاهم فيما بينها.

فيقال لغة الحيوان، ولغة الطيور، ولغة النبات. ونستدل على ذلك من القرأن الكريم بقوله تعالى- على لسان سيدنا سليمان عليه السلام { وقال ياأيها الناس علمنا منطق الطير}. ولكن لغة الإنسان تتميز بأنها ذات نظام مفتوح، بينما يتسم النظام التعارفي للحيوانات بأنه مغلق.

كذلك، وعلى حد تعبير علماء المنطق، يتميز الإنسان عن الكائنات الحية الأخرى بأنه حيوان ناطق. ولعظم أهمية اللغة، يذكر الله عز وجل بني الإنسان بهذه النعمة، فيقول سبحانه {ألم نجعل له عينين.ولسانا وشفتين} أي لسانا ينطق به، ولغة يتكلم بها. فلفظ «اللسان» قد يطلق على اللغة ذاتها. ولذلك، تتخذ بعض كليات اللغات تسمية لها مصطلح “كلية الألسن” .

واللغة هي أقوى العناصر في بناء الترابط في المجتمع. فاللغة ليست مجرد وسيلة للتفاهم مع الآخرين، وإنما تشكل في الوقت ذاته عاملا قويا ومؤثرا في تحديد شخصية الأفراد والجماعات. ويذهب أحد الشعراء – بحق – إلى أن «اللغة هي الأمة»، مؤكدا أن هذه العبارة ليست مبالغة وليست حذلقة. فعلى حد قول صاحب هذا الرأي، اللغة هي الأمة لأن اللغة هي الإنسان.

فالإنسان يتميز عن بقية الكائنات بأنه حيوان ناطق أو حيوان عاقل، لأن العقل لا يعمل إلا باللغة التي تسمى الأشياء والأفكار وتضعها في سياق منطقي. فاللغة إذن هي صوت العقل، وهي الأداة التي يفكر بها ويعبر ويكون بها الإنسان إنسانا. واللغة هي الأمة، لأن الأمة أفراد من  البشر لا يستطيعون أن يعيشوا معا إلا بأداة يتواصلون بها ويتفاهمون ويحولون حياتهم المشتركة إلى تراث مشترك يعبر عنهم أفرادا وجماعة. واللغة هي هذه الأداة . ونحن نستطيع أن نؤرخ باللغة لحياة الأمة.

فالأمة تولد حين تنضج لغتها وتشيع وتتحول من لهجات متفرقة يزاحم بعضها بعضا إلى لغة مستقرة، تفرض نفسها على الجميع، ويجد الجميع أنفسهم فيها. حين ننظر في تاريخ اليونان، نجد أن حضارتها تمثلت قبل كل شيئ في اللغة، في الشعر الملحمي، والشعر المسرحي، والفكر السياسي، والفكر الفلسفي. وحين ازدهرت هذه الفنون خلال الألف الأول قبل الميلاد كانت اليونان حاضرة مزدهرة، وحين توقف اليونانيون عن الإبداع، تراجع مكانهم في التاريخ، وما يقال عن اليونان، يقال كذلك عن الرومان ويقال أيضا عن العرب.

فالرومان يدينون بوجودهم للغة اللاتينية التي انتشرت في العالم وخاصة في غرب أوروبا ومكنت الرومان من بناء إمبراطوريتهم التي كانت قوية حين كانت اللغة اللاتينية حية قوية،ويوم فقدت هذه اللغة قدرتها على مواصلة الحياة انهارت الإمبراطورية ولم يعد للرومان وجود. ولا أظن أننا نجهل الدور الذي لعبته اللغة العربية في حياة العرب إلى الحد الذي يمكن معه القول إن حياتهم وحضارتهم قبل كل شيء لغة.

ونحن نرى أن الدول الغربية الحديثة ظهرت في الوقت الذي ظهرت فيه اللغات الأوروبية الحديثة، والعناصر التي تشكلت منها الأمم الأوروبية هي العناصر التي تشكلت منها لغاتها. العناصر الجرمانية واللاتينية والمحلية التي شكلت الأمة الانجليزية هي التي شكلت اللغة الانجليزية. والتطورات التي مرت بها هذه اللغة حتى وصلت إلى ما هي عليه مرت بها الأمة ومرت بها الدولة. والذي يقال عن انجلترا يقال عن فرنسا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا………….

اللغة العربية والقانون

تحميل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى