الكراء الطويل الامد وتطبيقاته العملية إعداد الباحثة- أسماء القوارطي-
مقدمة:
يعد عقد الكراء من أهم العقود المسماة و أوسعها انتشارا وشيوعا، خاصة بالنسبة للطبقتين الفقيرة و المتوسطة،
وأكثرها تنظيما وتعديلا وتغييرا. والى جانب هذا الكراء العادي الذي يخول لصاحبه حقوقا شخصية، هناك نوع اخر من
الكراء يرتب حقا عينيا للمكتري، الا وهو الكراء الطويل الامد، والذي هو حق عيني يخول صاحبه الانتفاع بأرض يكتريها
لمدة لا تقل عن ثماني عشرة سنة ولا تزيد على تسعة وتسعين عاما ( اربعة واربعين عاما)، اي أنه يدخل ضمن زمرة الحقوق العينية التي -التي بالرغم من اختلافها- تلتقي جميعا في كونها تمنح لصاحبها حق الانتفاع بالمحل مدة طويلة.
ورغم كون الكراء الطول الامد يتناول منفعة عقار طيلة مدة العقد، الا انه يختلف عن حق الانتفاع، الذي بدوره هو حق
عيني يتعلق بالتمتع بعقار يخص الغير، وذلك من حيث كون هذا الاخير ينقضي لزوما بموت المنتفع ولا يولي لصاحبه حق التصرف في الشيئ المكتري لان التصرف يبقى للمالك.
والكراء الطول الامد عقد منشأه القانون الروماني، إذ ظهرت في الفترة المتأخرة من الامبراطورية الرومانية، حيت كانت
الملكية العقارية متركزة لدى قلة من كبار الملاكين. وكثير من تلك الاراضي كانت مهجورة وغير مزروعة نتيجة مساوئ
العمل القسري وعدم كفاية العمل الحر، مما جعل مالكي المزارع الكبرى يفكرون في طريقة للتملص من أعباء أراضيهم،
وذلك بتسليمها في غطار عقد كراء طويل الامد مع احتفاظهم بملكيتها. و المكتري نظرا لطول مدة تمتعه بالارض، فإنه
يعمد الي تطويرها وزراعتها خاصة انه لا يدفع للمكري سوى ثمن ضئيل.
ومن تم يسد هذا النوع من الكراء حاجة اقتصادية و اخرى اجتماعية: تتمثل الحاجة الاقتصادية في تعمير الارض و المباني الخربة و التي لا يستطيع الملاك تصليحها فيؤجرها الى من يستطيع ذلك لمدة طويلة. وكلما طالت المدةن اطمأن المكتري الى ان الاموال التي سينفقها في الاصلاح و التعمير ستثمر ولو بعد زمن طويل ثمرة يساهم في جنيها. أما الحاجة
الاجتماعية فهي رغبة طبقة الملاك في ان يبقوا ملاكا، مع جعل حق الملكية يتجزأ بينهم وبين من هم أكثر صلاحية
من لاستغلالها.