ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
رسائل
أخر الأخبار

وضعية الملاك بالنسبة لعملية ضم الأراضي الفلاحية

إعداد الباحثة - رشيدة حمري-

وضعية الملاك بالنسبة لعملية ضم الأراضي الفلاحية إعداد الباحثة – رشيدة حمري-

المقدمة:

عرفت الملكية العقارية تطورا مرتبطا بتطور الإنسان ، وتحكمت فيه العادات والقواعد الدينية والمستجدات الاقتصادية والاجتماعية ، فبعدما كانت تعبير للقوة والاستمرارية والاعتراف بالولاء، تطورت فأصبحت وظيفتها وظيفة اقتصادية
صرفة ، تسمح بتحريك رؤوس الأموال ، وتدفقها للاستثمار في مختلف القطاعات، ليس بهدف التملك ولكن بهدف
تحقيق الأرباح من المشاريع المقامة على الأرض، وبهدف انطلاق المشاريع الاقتصادية المرتبطة بالتنمية على
الصعيد الجهوي والوطني .

وحقيقة الأمر أن العقار ما كان ليحقق هذه التنمية قبل الاستقلال حينما كانت الملكية العقارية الفلاحية آنذاك ،
مجزأة ومبعثرة إلى قطع صغيرة الحجم وقليلة المساحة ومتناثرة في أماكن عدة ، ولازال الأمر كذلك في العديد
من القرى إلى حد الآن ، مما شكل عائقا أمام حسن استغلالها واستعمال الوسائل التقنية والآلية العصرية في
الفلاحة قصد تحقيق الإنتاجية.

وهذا من شأنه أن يؤثر على مالك تلك القطع، وعلى البلد برمته نظرا لاعتماده في اقتصاده على القطاع الفلاحي
بالدرجة الأولى. ولأجل تجاوز هذه الصعوبات ، ووعيا من المشرع بأهمية القطاع الفلاحي ومدى مساهمته في تنمية
اقتصاد البلد ، فقد تدخل بمجموعة من التدابير الإصلاحية للنهوض بهذا القطاع وتحسين ظروف عيش الفلاح ، كإدخال
آلات حديثة في الإنتاج، واستصلاح الأراضي الزراعية، وإحداث مكاتب جهوية للاستثمار الفلاحي للسهر على أوضاع
الفلاحين، والتوسع من دوائر الري وضم الأراضي الفلاحية …

وتشكل عمليات ضم الأراضي بعضها إلى بعض من أهم هذه التدابير، إذ تؤدي إلى جمع الأراضي المشتتة والمجزأة
إلى قطع متفرقة داخل دوائر الضم والعائدة لنفس المالك أو لنفس الملاك على الشياع، إلى قطعة أرضية واحدة مجهزة بالطرق والممرات ومدها بشبكة الري. وهذه الأمور من شأنها المساهمة في الرفع من إنتاجية هذه الأراضي، وفي الرفع
من مداخيل الملاك وتحسين ظروف عيشهم.

وقد حاول الفصل الأول من ظهير 30 يونيو 1962 ، أن يعرف عملية ضم الأراضي Remembrement des terres بكونها:
جمع وإعادة ترتيب القطع المبعثرة والمجزأة ، والتي ليس لها شكل منظم وتتكون من أملاك موحدة الأطراف أو أملاك محتوية على قطع أرضية كبيرة منسجمة الشكل، ومفهوم بعضها لبعض تساعد على الوصول إليها وريها وصرف المياه عنها، وبوجه عام تكون صالحة للاستفادة من التحسينات العقارية الممكن لإدخالها عليها “.

أما بعض الفقه المغربي، فقد عرف عملية ضم الأراضي بأنها: ” تجميع القطع المتناثرة لكل مالك في نطاق معين، وإعادة توزيع الملكيات بحيث يكون لكل مالك قطعة واحدة أو أكثر، يسهل استثمارها واستصلاحها، بدلا من أراضيه المتفرقة قبل الضم”.
في حين عرفها بعض الفقه الفرنسي بكونها: ” عملية تتجلى في التقليل من تشتيت وتقسيم الأراضي، أو تعديل تضاريسها من أجل تسهيل الانتفاع المعقول بها”.

وأما التعريف الذي أعطاها معجم المصطلحات القانونية لضم الأراضي هو أنها :

عملية ترتكز على فرض تبادلات التجزئات المتعلقة بالأراضي المتنافرة على المالكين القرويين والحضريين في إطار
مخطط شامل، بهدف تحقيق هيكل عقاري جديد أقل تجزيئا من السابق “.

ومن تم يتبين أن عملية ضم الأراضي تتسم بالطابع المركب والمعقد، سواء على المستوى التقني كتحديد قطاع الضم، تحديد القيمة التبادلية … أو على المستوى الإداري كتبليغ وإعلان مختلف الأطراف بإجراءات الضم والسهر تنفيذها …
أو على المستوى القانوني كنزع ملكية الملاك وإعادة توزيع القطع عليهم، وتأسيس شهادة الملكية، تحفيظ الأراضي المضمومة …

هذا وقد كتب لبلادنا أن تعرف أول عملية ضم للأراضي بإقليم بني ملال بمنطقة الكرازة وبني ملال ، سنة 1920،
خارج أي إطار قانوني وبمبادرة من مكتب بني موسى – بن عمير، وبتنسيق مع سلطات الحماية ، للاستفادة من
مياه الري انطلاقا من سد بين الوديان .

لكن عدم وجود تشريع منظم آنذاك لعملية الضم وأمام امتناع بعض الملاك على المشاركة في عملية التبادل العيني،
وقيام المكتب المذكور بشراء هذه الأراضي وضمها ثم بيعها من جديد، عوامل حالت دون نجاح هذه العملية وخلقت
وضعية معقدة بالمنطقة لم يستطع ظهير 8 يوليوز 1954 تسويتها ، بل أكثر من ذلك زاد من تعقيدها.

وتجدر الإشارة إلى أن الفترة الزمنية المتراوحة بين 1952 و 1962 قد عرفت سن تشريع خاص بضم الأراضي لكل منطقة
على حدة، يهدف المشرع من خلالها إلى وضع أسس سياسة معينة لضم الأراضي، وإعادة توزيعها بعد صياغة أشكالها
في صور يستهدف منها تشكيل استغلاليات صالحة لتحسين الهياكل العقارية و تحسين وسائل الإنتاج، وذلك عن طريق
إقراره لتحفيظ إجباري ومجاني وجماعي لمختلف هذه الهياكل .

لكن ما يؤخذ على سياسة ضم الأراضي خلال هذه المرحلة، هو أن فتح أي قطاع لعملية ضم كان يحتاج إلى ضرورة صدور تشريع خاص بشأنه، إذ صدر من سنة 1952 إلى سنة 1955 أربع ظهائر لعملية الضم بكل من:
– منطقة تريفة أطرها ظهير 8 مارس 1953 .
– منطقة واد بهت أطرها ظهير 16 شتنبر 1953 .
– منطقة بن عمير أطرها ظهير 8 يوليوز 1954.
– منطقة دكالة أطرها ظهير 4 ماي 1955 .

لكن وابتداء من سنة 1962 قد عمد المشرع إلى سن تشريع موحد قابل للتطبيق على مجموع التراب الوطني
بمقتضى الظهير رقم 105-62-1 الصادر بتاريخ 30 يونيو 1962 بشأن ضم الأراضي الفلاحية، ومرسومه التطبيقي
رقم 240 –62-2 المتممين والمغيرين بالظهير الشريف رقم 25 يوليوز 1969 والمرسوم التطبيقي رقم 38 – 69 – 2،
ملغيا بذلك النصوص القانونية السابقة.

تحميل الرسالة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى