ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
رسائل
أخر الأخبار

علاقة الدفوع بالنظام العام

إعداد الملحق القضائي- الحسن الريحاني-

علاقة الدفوع بالنظام العام

 مقدمة

يرتبط الأفراد فيما بينهم بعلاقات تفرضها طبيعتهم الإجتماعية، فلا يتصور خلو مجتمع من نزاعات تنشأ بين أفراده باختلافهم نتيجة لعلاقاتهم. إن متطلبات الحياة المتجددة و المستمرة تقضي بضرورة ربط علاقات مختلفة و متنوعة بين الأفراد، فنشوء مثل هذه العلاقات پتسارع بوتيرة تصاعدية مع تنوعها و هو ما يؤدي بشكل حتمي إلى اختلافها بل و في أغلب الأحيان إلى تعارضها، فيسعى كل ذي مصلحة إلى توظيف مختلف القواعد القانونية التي يوجد بمناسبة خصومته في موقع يخول له الإستفادة من مقتضياتها، و لذا أصبحت الدفوع بإختلافها الوسيلة الأنجع لمنع الخصم بشكل مؤقت من الحكم له وفق طلباته أو لحرمانه بشكل نهائي من فحواها.

يلجأ أطراف الدعوى غالبا، كل من ناحية، في خصوماتهم القضائية إلى استعمال الدفع كوسيلة يجيب بها أحدهم على خصمه و يبني عليها طلب الحكم بعدم الاختصاص،بعدم القبول أو رفض الطلب. فهو إذا كل وسيلة من وسائل الدفاع يقصد بها المدعى عليه إلى منع الحكم عليه بطلبات المدعي، سواء أكانت الوسيلة التي يستعين بها صاحب الدفع تتعلق بذات الخصومة أو بإجراء من إجراءاتها أو كانت مرجهة إلى أصل الحق المدعى أو انكار  حق خصمه ابتداء من رفع دعواه، كما يضيف البعض أن الدفع دعوی يثيرها المدعى عليه أو المتضرر، أو المحكمة بهدف رد دعوى المدعي أو تأخير  الحكم فيها، و تحتل هذه المكنة دورا جوهريا في حسم المنازعة القضائية لصالح من يحسن استعمالها، ويرجع ذلك إلى أنها الأداة العملية التي بأحترام شكلياتهاينتزع بها الطرف مراده من الدعوى، فهي تمثل في نفس الوقت الدرع و السيف لمستخدمها في موجهة خصمه ضامنة بذلك الحماية القانونية لأطراف النزاع على حد سواء.

و القاضي متى تعلق الأمر بالنظام العام، فإنه يجد نفسه ملزما باحترام قواعد و نظم، نظرا لأسسها الإجتماعية، لا يمكن تجنب تطبيقها لأنها ترمي إلى المحافظة على المبادئ والقيم الاجتماعية التي بدورها تأثر مباشرة في ضبط و تأطير نشاط الأفراد و تصرفاتهم و تحديد السلوك الإجتماعي النموذجي الذي لا يمكن في أي حال من الأحوال تجاوزه أو تحريفه .

ان قواعد النظام العام ترمي إلى حماية المبادئ و الأسس الجوهرية التي يستند عليها المجتمع سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية. و على العموم ينقسم النظام العام في الفقه التقليدي إلى شقين،فمنه ما أسماه بالنظام العام الداخلي و منه ما أطلق عليه اسم النظام العام الدولي، مؤسسيا هذا التمييز على إختلاف الوظيفة المنوطة بكل منها، ذلك أنه على مستوى الشق الأول فإن قواعد النظام العام تكون حامية للقاعدة القانونية الوطنية أما في الصنف الثاني فإن قواعده تعمل كرقيب يهتم باستبعاد القانون الأجنبي إذا كان من شأن تطبيق أحكامه الموضوعية لتحريف و المساس بالأسس و المبادئ التي يرتكز عليها المجتمع.

و في أوضح الحالات، قد ينص المشرع صراحة على أن النص القانوني المعني أو جزء منه يتعلق بالنظام العام كما يمكن أن يستنبط من معايير مختلفة أن القاعدة القانونية المقصودة ترتبط به. ولكن، نظرا لأن فكرة النظام العام تميز في أوضح تجلياتها بالغموض فإنها خضع في الأحيان عند تفسيرها السلطة القاضي الذي يفترض فيه إدراك الخصائص السياسية لفكرة القانون، ولما كانت المسالة تتعلق في محملها بفكرة ذات طابع اجتماعي يجب أن يحميها القاضي لتعلقها بنظم مجتمعية الأساسية و مصلحته العامة ، فإن له في بعض الأحيان السلطة التقديرية عند نظره للمنازعة القائمة أمامه لتحديد مضمون النظام العام
حسب ما يعرض عليه من معطيات…

علاقة الدفوع بالنظام العام

تحميل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى