ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
كتب
أخر الأخبار

شرح القانون المدني الجزء الثالث ( الاوصاف-الحوالة-الانقضاء-)

تأليف الدكتور(عبد الرزاق أحمد السنهوري)

شرح القانون المدني الجزء الثالث (الاوصاف -الحوالة-الانقضاء )،نظرية الالتزام بوجه عام تأليف الدكتور
عبد الرزاق أحمد السنهوري.

ترتيب البحث:

الالتزام البسيط والالتزام الموصوف : عند ما بسطنا آثار الالتزام في القسم الثاني من الجزء الاول من الوسيط كنا نواجه الالتزام في صورته البسيطة ، فهو التزام بسيط لم يلحقه وصف ما . ولكن الالتزام
قد تلحقه أوصاف متنوعة في عناصره المختلفة . وعناصر الالتزام ثلاثة : ( 1 ) رابطة قانونية ( juris vinculum ) تربط المدين بالدائن . ( 2 ) محل الالتزام ( objet de l’obligation ) وهو الشيء الذي يلتزم المدين بأدائه
للدائن .

( 2 ) طرفا الالتزام ( sujet de I’obligation ) وهما الدائن والمدين . والالتزام الذي بسطنا آثاره فيما تقدم
هو الالتزام في صورته البسيطة في كل عنصر من هذه العناصر : الرابطة القانونية فيه وجودها محقق
ونفاذها فوري ، وله محل واحد ، وكل من طرفيه واحد لا يتعدد . ولكن قد يلحق الالتزام في أحد هذه العناصر الثلاثة وصف ( modalite ) يكون من شأنه ان يعدل من هذه الآثار ، فيكون الالتزام موصوفاً.

وهذا الوصف إما أن يلحق العنصر الأول من عناصر الالتزام ، رابطة المديونية ، فتعلق هذه الرابطة على شرط ويصبح وجودها غير محقق ، ويسمى هذا الوصف بالشرط ( condition ) . أو يتراخى نفاذ الرابطة إلى أجل ويسمى  هذا الوصف بالأجل ( terme ) . فعندنا إذن لعنصر رابطة المديونية وصفان : الشرط الأولج .

وإما أن يلحق الوصف العنصر الثاني من عناصر الالتزام ، وهو المحل . فلا يكون هذا المحل واحداً ، بل يتعدد (pluralite d’objets ) . والتعدد إما أن يكون جميعاً ( conjoint ) ، أو تخييرياً ( alternatif ) ، أو بدلياً
( facultatif ) . فعندنا إذن لعنصر المحل أوصاف ثلاثة : وصف الجمع في الالتزام متعدد المحل ( obligation conjointe ) ، ووصف التخيير في الالتزام التخيري ( obligation ) ، ووصف البدل في الالتزام البدلي
( obtigation facultative ) .

وإما أن يلحق الوصف العنصر الثالث من عناصر الالتزام ، فيتعدد أحد الطرفين الدائن أو المدين أو يتعدد كلاهما (pluralite de sujets ) . وتعدد كل من الدائن والمدين قد يكون من غير تضامن أو يكون بطريق التضامن (solidarite ) . وقد يتعدد الدائن أو المدين في التزام يكون غير قابل للانقسام ( solidarite ) . فعندنا إذن
لعنصر طرفي الالتزام أوصاف ثلاثة : تعدد الطرفين في غير تضامن ، وتعددهما بطريق التضامن ، وعدم
القابلية للانقسام .

– موضوعات هذا القسم:

فالكلام إذن في أوصاف الالتزام يكون في ثلاثة أبواب متعاقبة :
الباب الأول:في الشرط والأجل .
الباب الثاني:في تعدد محل الالتزام : الالتزام متعددة المحل ، والالتزام التخييري ، والالتزام البدلي .
الباب الثالث : في تعدد طرفي الالتزام : التعدد بغير تضامن ، والتعدد بطريق التضامن ، وعدم القابلية
للانقسام .

الباب الأول: الشرط والأجل
التقنين المدني الجديد والتقنين المدني السابق : احتوى التقنين المدني الجديد على نصوص عدة في كل
من الشرط والأجل .
فقد عالج الشرط ، في المواد من 265 إلى 270 ، علاجاً إذا كان قد اقتصر فيه على القواعد الأساسية ، فقد
رتب هذه القواعد ترتيباً منطقياً واحكم وضعها ، ولكنه لم يخرج فيما وضعه من القواعد عما احتواه التقنين
المدني السابق . وقد استبقى التقنين الجديد التصوير اللاتيني للشرط ، لاسيما فيما يتعلق بأثره الرجع .

وعالج الأجل ، في المواد من 271 إلى 274 ، علاجاً ضبط به حدود أحكام الأجل ، وهذب في نصوص
التقنين السابق ، وكانت هذه أكثر اقتضاب فيما يتعلق بالأجل منها فيما يتعلق بالشرط . فأزال التقنين الجديد
في نصوصه ما علق بالنصوص القديمة من غموض وإبهام ، لاسيما في أسباب انقضاء الأجل ، وفي تعجيل
الوفاء بالدين ، وفيما جرى به العرف من الدفع عند المقدرة أو الميسرة.

والشرط: هو أمر مستقبل غير محقق الوقوع ، يترتب على وقوعه وجود الالتزام أو زواله . فإذا كان وجود
الالتزام هو المترتب على وقوع الشرط ، كان الشرط واقفاً . أما إذا كان الالتزام قد وجد فعلا وكان زواله
هو المترتب على وقوع الشرط ، كان الشرط فاسخاً .

والأجل: هو أمر مستقبل محقق الوقوع ، يترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه . فإذا كان نفاذ الالتزام
هو المترتب على حلول الأجل ، كان الأجل واقفاً . أما إذا كان الالتزام قد صار نافذاً فعلا وكان زواله هو المترتب على وقوع الشرط ، كان الشرط فاسخاً .
فالفرق الجوهري ما بين الشرط والأجل هو إذن تحقق الوقوع ، وعدم تحققه : كلاهما أمر يقع في المستقبل ولكن الأجل محقق الوقوع ، أما الشرط فوقوعه غير محقق.

ونتناول في فصلين متعاقبين الشرط والأجل:

الفصل الأول: الشرط ( la Condition )
4- قيام الشرط والآثار التي تترتب عليه : نبحث في الشرط أمرين :
( أولاً ) قيام الشرط ، ونعني بذلك : ( 1 ) مقومات الشرط ( 2 ) نوعى الشرط الواقف والفاسخ ( 3 ) المصدر المنشيء للشرط وأي الحقوق يلحقها وصف الشرط .
( ثانياً ) ما يترتب على الشرط بعد قيامه من الآثار .

الفرع الأول :قيام الشرط
المبحث الأول :مقومات الشرط
5 – النصوص القانونية : تنص المادة 265 من التقنين المدني على ما يأتي :
” يكون الالتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع “.
وتنص المادة 266 على ما يأتي :
” 1- لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن أو على شرط مخالف للآداب أو النظام العام ، هذا
إذا كان الشرط وافقا . أما إذا كان فاسخا فهو نفسه الذي يعتبر غير قائم ” .
” 2- ومع ذلك لا يقوم الالتزام الذي علق على شرط فاسخ مخالف للآداب أو النظام العام ، إذا كان هذا
الشرط هو السبب الدافع للالتزام ” .
وتنص المادة 267 على ما يأتي :
” لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط واقف يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة الملتزم “.

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 013 / 157.
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 265 – 267 –
وفي التقنين المدني الليبي المواد 252 – 254 – وفي التقنين المدني العراقي المواد 285 – 287
وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 81 – 87 .

ويستخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن للشرط مقومات ثلاثة :
فهو أمر مستقبل غير محقق الوقوع وغير مخالف للنظام العام ولا للآداب . وهناك مقوم رابع ، هو أن الشرط
أمر عارض إضافي يمكن تصور الالتزام بدونه . وهذه ظاهرة عامة في أوصاف الالتزام ، ولكنا أثرنا أن نذكرها
في الشرط لأهميتها بالنسبة إليه ، إذ هي التي تميز بين الحق المشروط والحق الاحتمالي .

ونستعرض الآن هذه المقومات الأربعة .
أمر مستقبل:
يجب أن يكون الشرط أمراً مستقبلا : يجب أن يكون الشرط أمراً مستقبلا ( evenement future ) .
فإذا وعد شخص آخر بجائزة إذا عثر على مال له مفقود ، أو وعد أب ولده بجائزة إذا نجح في الامتحان
أو وعد الأب ابنه بان يهب له منزلا إذا تزوج لهيئ له أمر سكناه ، فكل من العثور على المال المفقود والنجاح
في الامتحان والزواج أمر مستقبل ، ومن ثم كان كل من الالتزام بالجائزة أو الهبة التزاماً معلقاً على شرط
إذ يتوقف وجوده على تحقق هذا الشرط .

وإذا أوصى زوج لزوجته بدار تسكنها على أن تتفرغ لتربية أولادها منه فلا تتزوج بعده وإلا فسخت الوصية
أو باع شخص أحد متجريه واشترط على المشترى أن يكون البيع مفسوخاً إذا نافسه في المتجر الآخر الذي استبقاه ، فكل من الزواج في المثل الأول ومن المنافسة في المثل الثاني أمر مستقبل ، ومن ثم كانت الالتزامات المترتبة على كل من الوصية والبيع معلقة على شرط ، إذ يتوقف زوالها على تحقق هذا الشرط .
– لا يجوز أن يكون الشرط أمراً ماضيا أو حاضرا : فلا بد إذن أن يكون الشرط أمراً مستقبلا .

أما إذا كان أمراً ماضياً أو حاضراً فهو ليس بشرط حتى لو كان طرفا الالتزام يجهلان وقت التعامل ما إذا كان
الأمر الماضي قد وقع أو لم يقع ، أو ما إذا كان الأمر الحاضر واقعاً أو غير واقع . فلو أن الواعد بالجائزة ،
في المثل المتقدم ، وقت أن وعد بها كان الموعود له قد عثر على المال المفقود ولا يعلم الواعد ذلك ،
فالتزام الواعد بالجائزة التزام منجز غير معلق على شرط ، وهو واجب الوفاء في الحال .

ولو أن الأب الذي وعد ابنه بجائزة إذا نجح في الامتحان كان وقت أن وعد بها لا يعلم أن نتيجة الامتحان قد
ظهرت بالفعل وأن ابنه قد رسب ، فالتزام الأب بإعطاء ابنه الجائزة التزام لم يوجد ولن يوجد ، فهو التزام غير موجود أصلاً منذ البداية وليس التزاماً معلقاً على شرط . ولو أن الأب وقت أن وعد ابنه بان يهب له منزلا إذا
تزوج كان لا يعلم أن ابنه قد تزوج فعلا ، فالتزام الأب بالهبة يكون التزاماً منجزاً غير معلق على شرط ، وهو
واجب الوفاء في الحال.

واعتقاد الملتزم ، في الأمثلة المتقدمة ، أن التزامه معلق على شرط بينما هو التزام منجز ، بل اعتقاد
الطرفين معاً ، المدين والدائن ، أن الشرط لم يتبين مآله بعد وأن الالتزام معلق على شرط ، لا يؤثر في أن
الالتزام منجز لو كان  هذا الأمر قد تحقق فعلا قبل وجود الالتزام ، أو في أن الالتزام غير موجود أصلاً لو كان
هذا الأمر لم يتحقق.

– قد يكون الأمر المستقبل أمراً إيجابيا أو أمراً سلبيا – والأمر المستقبل الذي ينطوي عليه الشرط قد يكون
أمراً إيجابياً أو أمراً سلبياً . فالاب الذي التزم بان يهب ابنه داراً إذا تزوج قد علق التزامه على شرط هو زواج
ابنه، وهذا أمر ايجابي . والزوج الذي يوصى لامرأته بدار على شرط إلا تتزوج بعده قد علق الوصية على شرط
هو عدم زواج امرأته ، وهذا أمر سلبي.

ولا فرق في الحكم بين ما إذا كان الشرط أمراً إيجابياً أو أمراً سلبياً.

ولا يكون للتفرقة أهمية عملية إلا من ناحية تقدير الوقت الذي يعتبر فيه الشرط قد تحقق أو تخلف .
ففي الشرط الايجابي تحدد عادة مدة قصيرة إذا لم يتحقق الشرط فيها اعتبر متخلفاً ، وفي الشرط
السلبي تكون المدة عادة طويلة فالزوجة الموصى لها بالدار بشرط إلا تتزوج بعد موت زوجها عليها إلا تتزوج
طول حياتها .

على أن الأمر الواحد – كما يقول بودري وبارد – قد تكون له ناحية ايجابية وناحية سلبية وهو هو لم يتغير  فيستطاع وضعه في صورة شرط ايجابي أو في صورة شرط سلبي . فإذا التزم شخص لآخر ، وعلق التزامه
على شرط هو أن يعيش الملتزم له خارج مدينة القاهرة حتى يبعده عن ملاهيها ، فقد وضع الشرط في
صورة أمر ايجابي . ويستطيع أن يضع نفس الشرط في صورة أمر سلبي إذا اشترط على الملتزم له إلا يعيش
في مدينة القاهرة .

غير محقق الوقوع:
– يجب أن يكون الشرط غير محقق الوقوع : تقول الفقرة الأولى من المادة 286 من التقنين المدني العراقي :
” يشترط لصحة التعليق أن يكون مدلول فعل الشرط معدوماً على خطر الوجود ، لا محققاً ولا مستحيلا ” .
وهذا تعبير استعير من الفقه الإسلامي لهذا المقوم من مقومات الشرط . فالشرط يجب أن يكون أمراً غير
محق الوقوع ، وهذا الشك في وقوع الأمر هو لب الشرط والصميم فيه .

فإذا كان الأمر محقق الوقوع ، فإنه لا يكون شرطاً . وكذلك لا يكون شرطاً أمر مستحيل الوقوع . وإنما يكون
الشرط أمراً محتمل الوقوع ، لا محققاً ولا مستحيلا .
– لا يكون شرطا الأمر محقق الوقوع : فإذا كان الأمر مستقبلا ولكنه محقق الوقوع ، فإنه لا يكون شرطاً ،
بل يكون أجلاً كما سبق القول . فإذا أضاف الملتزم التزامه إلى موسم الحصاد ، كان الالتزام مقترناً بأجل
لا معلقاً على شرط ، لأن موسم الحصاد في المألوف من شؤون الدنيا لابد آت ، فالأمر هنا محقق الوقوع ،
فيكون أجلاً لا شرطاً .

ويكون الأمر محقق الوقوع أجلاً حتى لو لم يكن موعد وقوعه محققاًَ ، كالموت . فإذا التزم المشتري بان يدفع للبائع ثمناً هو إيراد مرتب طول حياته ، فقد جعل المشتري لالتزامه أجلاً فاسخاً هو موت البائع ، والموت أمر محقق وإن كان لا يعرف متى يقع . والتزام شركة التأمين على الحياة بان تدفع مبلغ التأمين إلى ورثة المؤمن.

عليه عند موته هو التزام مضاف إلى أجل واقف لا معلق على شرط واقف  .
على أن الموت قد يكون شرطاً إذا اقترن بملابسات تجعله غير محقق الوقوع في نطاق هذه الملابسات .
فإذا وهب شخص داراً لاثنين على التعاقب بشرط إلا تنتقل الدار إلى الثاني إلا إذا عاش بعد موت الأول
فإن الهبة الأولى تكون معلقة على شرط فاسخ هو أن يموت الموهوب له الأول قبل موت الموهوب له الثاني  وتكون الهبة الثانية معلقة على شرط واقف هو أن يعيش الموهوب له الثاني بعد موت الموهوب له الأول .
فالموت في هاتين الهبتين شرط لأجل ، إذ اقترن بملابسات جعلته في كل منهما غير محقق الوقوع .

هو محقق الوقوع في ذاته ، ولكن أن يموت أحد الموهوب لهما قبل الآخر هذا هو الأمر غير محقق الوقوع
فيصبح الموت في نطاق هذه الملابسات شرطاً لا أجلاً .

– لا يكون شرطا الأمر مستحيل الوقوع : كذلك لا يكون شرطاً الأمر مستحيل الوقوع . فإذا علق الملتزم
وجود التزامه على أمر مستحيل استحالة مطلقة ، فإن الالتزام لا يوجد أصلاً . ويجب أن تكون الاستحالة
مطلقة ، أي أن يستحيل تحقق الشرط بالوسائل المعروفة للإنسان . فإذا وعد شخص آخر بإعطائه جائزة
إذا وصل إلى القمر كانت هذه الاستحالة مطلقة ، لأن وسائل الطيران المعروفة حتى اليوم تعجز عجزاً
مطلقاً عن الوصول إلى القمر ، وإن كان العلماء يتحدثون عن إمكان ذلك في المستقبل .

أما إذا كانت الاستحالة نسبية فإنها لا تعيب الالتزام ، بل يكون في هذه الحالة قائماً يتوقف وجوده أو زواله
على تحقق الشرط . وتعتبر الاستحالة نسبية إذا غلب على الظن أن تقدم المعارف البشرية تجعل الشرط
غير مستحيل الوقوع ،  وإن كان لم يقع حتى اليوم . فيجوز لشخص أو لهيئة أو تعد بمنح جائزة ، إذا استطاع الموعود له أن يجد علاجاً لبعض الأمراض المستعصية التي يوجد لها علاج حتى اليوم .

وكما تكون الاستحالة طبيعية كما رأينا في الأمثلة المتقدمة ، قد تكون أيضاً قانونية. فالالتزام المعلق
على شرط أن يبيع المشترط عليه تركة مستقبلة ، أو على شرط أن يتزوج محرماً ، أو على شرط أن يطلق
زوجته إذا كان الطلاق غير جائز في شريعته ، لا يكون التزاماً قائماً ، لأنه علق على شرط مستحيل استحالة مطلقة . والاستحالة هنا استحالة قانونية لا استحالة طبيعية ، إذ بيع التركة المستقبلة باطل ، وباطل كذلك الزواج من المحرم ، والطلاق محرم في شريعة المشترط عليه.

الشرط الإرادي : وهناك شرط ممكن الوقوع ، ولكن وقوعه يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام ، الدائن أو
المدين . ذلك أن الشرط – من حيث تعلقه بإرادة طرفي الالتزام – قد يكون شرطاً لا علاقة له بهذه الإرادة
أصلاً ، فهو شرط متروك للصداقة ( condition casuelle ) ، مثل ذلك تعليق الالتزام على  شرط وصول
الطائرة سليمة إلى مطار الوصول . وقد يكون شرطاً متعلقاً بإرادة أحد طرفي الالتزام ( condition potestative )
كالزواج فهو متعلق بإرادة من يشترط عليه الزواج .

وقد يكون شرطاً مختلطاً ( condition mixte ) يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام وبعامل خارجي معها كمجرد الصدفة أو إرادة الغير ، وذلك كالزوج من شخص معين فهذا شرط متعلق بإرادة من اشترط عليه الزواج وبارادة
من اشترط الزواج منه .

وكل من الشرط المتروك للصدفة والشرط المختلط شرط صحيح ، لأنه أمر لا هو محقق الوقوع ولا هو
مستحيل الوقوع ، إذ أن وقوعه لا يتعلق بمحض إرادة تحكمية ، وهو حتى إذا تعلق بإرادة أحد طرفي
الالتزام فإنه في الوقت ذاته يتعلق بأمر خارج عن هذه الإرادة يجعل وقوعه محتملا ، لا محققاً ولا مستحيلا ً .

أما الشرط الإرادي فهو إما أن يكون شرطاً إرادياً بسيطاً ( condition simplement potestative) أو شرطاً
إرادياً محضاً ( condition purement potestative ) . فالشرط الإرادي البسيط يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام ، ولكن هذه الإرادة ليست مطلقة ، بل هي مقيدة بظروفها وملابساتها . فالزواج شرط إرادي يتعلق بإرادة
الدائن أو المدين ولكن إرادة المشترط عليه الزوج ليست مطلقة ، إذا الزواج أمر تحوط به الظروف والملابسات الاجتماعية والاقتصادية .

ويقال مثل ذلك عن شرط النجاح في الامتحان ، بل أن هذا الشرط يكاد يكون شرطاً مختلطاً فهو يتعلق
بالإرادة وبظروف أخرى قد لا يكون للشخص سلطان عليها . ومن ثم يكون الشرط الإرادي البسيط شرطاً
صحيحاً ، سواء تعلق بإرادة الدائن أو بإرادة المدين .

من ثم يكون الشرط الإرادي البسيط شرطاً صحيحاً ، سواء تعلق بإرادة الدائن أو بإرادة المدين .
يقى الشرط الإرادي المحض ، وهذا إما أن يتعلق بمحض إرادة الدائن أو بمحض إرادة المدين . فإن تعلق
بمحض إرادة الدائن كان شرطاً صحيحاً ، وكان الالتزام قائماً معلقاً على إرادة الدائن ، إن شاء تقاضى
المدين الشيء الذي ألزمه به ، وإن شاء أحله من التزامه . أما أن تعلق الشرط بمحض إرادة المدين.

فإن كان  شرطاً فاسخاً ، كأن يلتزم المدين حالا ويجعل فسخ هذه الالتزام معلقاً على إدارته المحضة ، كان الشرط صحيحاً وكان الالتزام قائماً ، لأن الالتزام لم يعلق وجوده على محضر إرادة المدين ، فهو إذن قد وجد ، وإنما استبقى المدين زمامه في يده ، إن شاء أبقاه وإن شاء فسخه .

وإن كان الشرط المتعلق بمحض إرادة المدين شرطاً واقفاً ، كأن يلتزم المدين إذا أراد ، أو يلتزم إذا رأى ذلك
معقولا أو مناسباً (  ) ، فهذا شرط يجع  عقدة الالتزام منحلة منذ البداية ، إذ أن الالتزام قد علق وجوده
على محض إرادة المدين ، إن شاء حقق الشرط ومن هنا يكون الشرط محقق الوقوع بمشيئة المدين ، وإن
شاء جعله يتخلف ومن هنا يكون الشرط مستحيل الوقوع بمشيئة المدين أيضاً .

ومن ثم يكون هذا الشرط باطلا ، ويسقط كل التزام معلق على شرط  واقف هو محض إرادة المدين . وهذا
ما تقرره المادة 267 مدني ، إذا تقول كما رأينا : ” لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط واقف يجعل وجود
الالتزام متوقفا على محض إرادة الملتزم “.

تحميل الكتاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى