ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
كتب
أخر الأخبار

شرح القانون المدني الجزء التاسع اسباب كسب الملكية

تأليف الدكتور -عبد الرزاق أحمد السنهوري-

شرح القانون المدني الجزء التاسع اسباب كسب الملكية مع الحقوق العينية الاصلية المتفرعة عن الملكية
(حق الانتفاع وحق الارتفاق) تأليف الدكتور -عبد الرزاق أحمد السنهوري-

 

تمهيد:

1 – التقسيم العلمي لأسباب كسب الملكية :
يتم كسب الملكية بأسباب معينة . وأسباب كسب الملكية تقابل مصادر الالتزام . وكل من أسباب كسب الملكية
ومصادر الالتزام يمكن تقسيمه تقسيماً علمياً ، يقوم على أساس واحد .ذلك أن جميع مصادر الحقوق ، عينية كانت
أو شخصية ، بل جميع مصادر الروابط القانونية ، ترجع إما إلى الواقعةالمادية fait materiel  ، أو إلى التصرف القانوني
acte iuridique  . وقد سبق أن بينا ذلك تفصيلاً . عندما عرضنا لتقسيممصادر الالتزام تقسيماً علمياً في الجزء الأول
من الوسيط  .

وقد ذكر التقنين المدني أسباباً سبعة لكسب الملكية : الإستيلاء والميراث والوصية والالتصاق والعقد والشفعة والحيازة .
فإذا أردنا تقسيم هذه الأسباب تقسيماً علمياً ، بإرجاعها إلى التصرف القانون والواقعة المادية ، دخل العقد والوصية في
نطاق التصرف القانوني ، ودخل الإستيلاء والميراث والالتصاق والشفعة والحيازة في نطاق الواقعة المادية . أما العقد
فهو تصرف قانوني صادر من الجانبين ، في حين أن الوصية تصرف قانوني صادر من جانب واحد . والاستيلاء واقعة
مختلطة mixte  ، اختلطت فيها الحيازة المادية وهي عنصر مادي بإرادة المستولى في أن يتملك في الحال وهي عنصر
إراديولكن العنصر المادي هنا هو المتغلب ، ومن ثم ألحق الإستيلاء بالوقائع المادية .

والميراث سبب كسب الملكية فيه هو الموت ، والموت واقعة مادية .والالتصاق ، سواء كان التصاقاً بعقار أو التصاقاً بمنقول ، ليس إلا اتحاد شيء بآخر اتحاداً مادياً ، فيكسب صاحب الشيء الأصلي ملكية الشيء الفرعي . فالاتحاد المادي إذن هو سبب كسب الملكية . والاتحاد المادي ليس إلا واقعة مادية .

والشفعة واقعة مركبة  complexe ، اقترن فيها الشيوع أو الجوار أو أي ارتباط آخر يقوم بين العقار المشفوع فيه والعقار المشفوع به ، وهذه واقعة مادية ، ببيع العقار المشفوع في وهذه واقعة مادية بالنسبة إلى الشفيع ، بإعلان الشفيع
إرادته في الأخذ بالشفعة وهذا تصرف قانوني ، فهذه الوقائع المتسلسلة المركبة الغلبة فيها للواقعة المادية لا للتصرف القانوني ومن ثم يمكن إدخال الشفعة في نطاق الوقائع المادية . والحيازة هي السيطرة الفعلية على الشيء أو الحق
محل الحيازة ، ومن ثم تدخل الحيازة في نطاق الوقائع المادية.

2 – التقسيم العملي لأسباب كسب الملكية :

ولم يرد التقنين المدني أن يأخذ بالتقسيم العلمي سالف الذكر ، إذ هو أقرب إلى الفقه منه إلى التشريع ، وسلك في تقسيم أسباب كسب الملكية سبيلاً عملياً أقرب إلى الأذهان . فميز بين كسب الملكية ابتداء في شيء لم يكن له
مالك وقت كسب الملكية  mode originaire  ويتمثل ذلك في الإستيلاء  occupation ، وبين كسب الملكية تلقياً عن
مالك سابق  mode derive  فتنتقل الملكية من مالك إلى مالك آخر ، وهذا هو شأن أسباب كسب الملكية الأخرى غير الإستيلاء . وهذه الأسباب الأخرى إما أن تكون بسبب الوفاة ويتمثل ذلك في الميراث  succession  والوصية  testament
أو فيما بين الأحياء ويتمثل في ذلك في الالتصاق  accession والعقد  contrat والشفعة preemption والحيازة  posscssion .

وكانت المادة 44 / 66 من التقنين المدني السابق تعدد أسباب كسب الملكية ، فنص على أن ” تكتسب الملكية
والحقوق العينية الأخرى بالأسباب الآتية وهي العقود ، الهبة ، الميراث والوصية ، وضع اليد ، إضافة الملحقات للمالك ، الشفعة ، مضي المدة الطويلة
” . فلم يتوخ هذا التقسيم أي ترتيب منطقي ، ولم يخل من التكرار إذ ذكر
العقود وذكر إلى جانبها الهبة والهبة ليست إلا عقداً ، وسمى الإستيلاء ” بوضع اليد ” فأوجد لبساً ما بين الإستيلاء
والحيازة ، وعندما عرض للحيازة سماها ” مضي المدة الطويلة ” والحيازة أوضع بكثير من ذلك ، وأطلق على الالتصاق
عبارة ” إضافة الملحقات إلى الملك ” وفي هذه التسمية شيء من الإغراب والإبهام . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد :

رتب المشروع هذه الأسباب ترتيباً منطقاً دون أن يعددها ، وهذا بخلاف التقنين الحالي ( السابق ) ( م 43 / 66 ) فقد عددها دون أن يرتبها ترتيباً منطقياً . وقد ميز المشروع بين كسب الملكية ابتداء ، أي دون أن يكون
لها مالك سابق تنتقل منه ، ويكون هذا بالاستيلاء ، وبين كسبها انتقالاً من مالك سابق . والكسب انتقالاً قد يكون بسبب الوفاة ويتم هذا بالميراث والوصية ، أو يكون انتقالاً بين الأحياء ويتم ذلك بالالتصاق والعقد والشفعة والحيازة . ولم يعرض المشروع في هذا المكان للهبة كما فعل التقنين الحالي ( السابق )، فهي كسبب من أسباب انتقال الملكية تندرج في العقد ، ولا محل لإفرادها بالذكر . وهي كعقد مسمى لها أحكام مفصلة يجب أن توضع في مكانها بين العقود المسماة ، وهذا ما فعله المشروع ” .

وأسباب كسب الملكية التي ذكرها التقنين المدني هي أسباب عامة شاملة . فهي عامة ، إذ هي لا تقتصر على الملكية وحدها ، بل تتناول سائر الحقوق العينية الأصلية كحق الانتفاع وحق الارتفاق . وقد كانت واردة في المشروع التمهيدي بعد الحقوق المتفرعة عن الملكية ، حتى تعم حق الملكية والحقوق العينية المتفرعة عنه . فرأت لجنة المراجعة أن تقدمها في الترتيب وتجعلها تالية مباشرة لحق الملكية ، لأنها متحققة جميعاً في حق الملكية ولا تتحقق جميعها في الحقوق المتفرعة عنه ، وما يتحقق منها في هذه الحقوق منصوص عليه في كل حق .

وهذه الأسباب هي أيضاً شاملة ، فهي قد حصرت جميع أسباب كسب الملكية . ويلاحظ في هذا الصدد أن الملكية قد تنتقل جبراً على صاحبها بإرادة من تنقل إليه دون إرادة المالك نفسه ، وأبرز ما تكون هذه الظاهرة في الشفعة وهنا ، حتى تكون الأسباب شاملة حقاً ، يجب أن نلحق بالشفعة ما يماثلها في نفس الظاهرة . ونذكر من ذلك استرداد الحصة الشائعة المبيعة قبل القسمة ، واسترداد الحق المتنازع فيه ، واشتراك الجار في الجزء المعلى من الحائط المشترك ، والمزاد الجبري عند تنفيذ الدائن على أموال المدين أو عند قسمة التصفية ، ونزع الملكية للمنفعة العامة ، والتأميم ، والمصادرة  . وهذه الأسباب كلها مذكورة في مواضعها فلا تعود إليها هنا .

خطة البحث : ونساير التقنين المدني في تقسيمه العمل لأسباب كسب الملكية ، فهو تقسيم واضح . ونبحث هذه الأسباب في أبواب ثلاثة : نفرد الباب الأول منها لكسب الملكية ابتداء عن طريق الإستيلاء ، نجعل الباب الثاني لكسب الملكية بسبب الوفاة فنبحث الميراث والوصية ، ونخصص الباب الثالث لكسب الملكية فيما بين الأحياء فنبحث الالتصاق والعقد والشفعة والحيازة .

الباب الأول كسب الملكية ابتداء الإستيلاء ( Occupation )

4 – التمييز بين المنقول والعقار :
الإستيلاء ، كسبب لكسب الملكية ، يفترض أن الشيء الذي تكسب ملكيته ليس له مالك وقت الإستيلاء . وعلى ذلك
لا يرد الإستيلاء إلا على الأشياء ، فلا يرد على الأموال إذ وقت الإستيلاء كان الشيء لا مالك له ، فهو شيء لا مال،
ويصبح مالاً بالاستيلاء. ويندر أن توجد أشياء لا مالك لها في المجتمعات المتحضرة . أما في المجتمعات البدائية التي
لم تستغل مواردها الاقتصادية ، وفي المجتمعات الجديدة الناشئة ، وفي البلاد الصحراوية ، فكثير من أشيائها يكون لا
مالك له ، ومن ثم يرد عليه الإستيلاء .

وإذا كان الشيء الذي لا مالك له نادراً في المجتمعات المتحضرة ، فهو في العقار أندر منه في المنقول ، ذلك أن العقار
تقبل الناس على تملكه ، فلا يكاد يبقى عقار لا مالك له . وإذا بقيت أراض غير مزروعة في الصحراء أو في الجبل لا مالك
لها ، فيغلب أن يتدخل المشرع ويعتبرها ملكاً للدولة ، كما فعل المشرع المصري عندما نص في المادة 874 / 1 مدني
على أن ” الأراضي غير المزروعة التي لا مالك لها تكون ملكاً للدولة ” . لذلك يجب التمييز ، في الإستيلاء ، بين المنقول والعقار .

المبحث الأول :الإستيلاء على المنقول

5 – المنقول الذي لا مالك له – نص قانوني :
يقع في بعض الأحيان أن يكون المنقول ليس له مالك ، إما بألا يكون له مالك منذ البداية . أو بأن يكون له مالك ثميخلى
هذا عن ملكيته فيصبح المنقول لا مالك له . مثل المنقول الذي لا يكون له مالك منذ البداية  res nulius : الأشياء
المشتركة res communes  ، والسمك في الماء ، والطير في الهواء ، والحيوانات غير الأليفة .
وقد يكون للمنقول مالك ، ثم يتخلى هذا عنه ، وقد نصت المادة 871 / 1 مدني في هذا الصدد على ما يأتي :
يصبح المنقول لا مالك له ، إذا تخلى عنه مالكه بقصد النزل عن ملكيته ” . فإذا تخلى مالك المنقول عنه
بقصد النزول عن ملكيته ، فقد هذه الملكية وأصبح المنقول ليس له مالك ، ومن ثم يجوز لأي شخص أن يتملكه
بالاستيلاء ، مثل ذلك أن يلقى شخص في الطريق ، أو في سلة المهملات لتلقى في الطريق ، أوراقاً أو أشياء
أصبحت غير ذات نفع له ، قاصداً بذلك النزول عن ملكيتها .

ومثل ذلك أيضاً أن يحوز شخصاً حيواناً غير أليف فيتملكه بالاستيلاء ، ثم يطلقه متخلياً عن ملكيته فيفقدها ، ثم يعود إلى حيازته مرة أخرى فيعود إلى تملكه بالاستيلاء . ومثل ذلك أخيراً الطير والأتربة التي تستخرج من باطن الأرض وتلقى على قارعة الطريق ، كما إذا حفر شخص خندقاً في أرضه أو طهر ترعة أو مصرفاً .

ويشترط في التخلي الذي يفقد المالك ملكية المنقول أن يكون متوافراً على عنصرين : عنصر مادي ، هو ترك المنقول
يخرج من حيازته . وعنصر معنوي ، هو نية النزول عن ملكية المنقول ، وقد تستخلص هذه النية من الظروف كما هو الأمر في إلقاء الأشياء في الطريق أو في إطلاق الحيوان غير الأليف بعد اعتقاله ليعود إلى حريته . وعلى ذلك إذا ضاع منقول من مالكه ، فإن المالك لا يعتبر تخلياً عن ملكيته ، فهو إذا كان قد فقد حيازته فإن ذلك لم يقترن عنده بنية النزل عن الملكية .

ويفهم من نص المادة 871 / 2 مدني ، عن طريق التدليل العكسي ، أن العقار لا يجوز أن يتخلى مالكه عنه ، إذ النص مقصور على المنقول فمن تخلى عن عقار ، قاصداً النزول عن ملكيته ، تخلصاً من الضرائب مثلاً أو من أحكام قانون الإصلاح الزراعي ، فإن العقار يبقى بالرغم من ذلك على ملكيته ، فلا يفقد هذه الملكية ، ولا يؤول العقار للدولة .

6 – كيف يتم الإستيلاء على المنقول الذي لا مالك له –

نص قانوني : تنص المادة 870 مدني على ما يأتي : ” من وضع يده على منقول لا مالك له بنية تملكه ، ملكه ” .
ويخلص من هذا النص أن للاستيلاء أركاناً ثلاثة ، إذا اجتمعت تحقق الإستيلاء وكان سبباً لكسب الملكية :

أولاً – منقول لا مالك له : وقد رأينا فيما تقدم  أن المنقول الذي لا مالك له إما أن يكون كذلك منذ البداية ، أو أن يكون
له مالك في أول الأمر ثم يتخلى هذا المالك عن ملكيته . ففي الحالتين يرد الإستيلاء على هذا المنقول الذي لا مالك له ، فيكون سبباً في كسب ملكيته لمن وضع يده عليه . ويجب أن يكون المنقول مادياً . فالمنقول المعنوي لا يرد عليه الإستيلاء . فلو أن شاعراً نظم شعراً ، ولم يرض عنه فألقى الورقة التي كتب فيها هذا الشعر في الطريق بنية النزول عن ملكيته للورقة وعن حقه المعنوي في الشعر الذي نظمه ، فالتقط الورقة عابر في الطريق واستولى عليها ، فإنه يملك بالاستيلاء الورقة وحدها دون الحق المعنوي للشاعر في شعره ، ومن ثم لا يجوز لمن استولى على الورقة أن ينشر الشعر .

وأن يستعمل في شأنه حق المؤلف المالي بدعوى أنه كسب هذا الحق بالاستيلاء ، وذلك لأن حق المؤلف المالي منقول معنوي ، وليس منقولاً مادياً حتى يمكن أن يرد عليه الإستيلاء . وقد وقع مثل ذلك فعلاً في فرنسا ، فمزق مصور الصورة
التي رسمها ولم يرض عنها ، وألقى بها في الطريق ، فالتقطها أحد المارة . فقضى بألا حق له في جمع شتات أجزاء
الصورة وإعادتها إلى أصلها وبيعها ، إذ اعتبر بيع الصورة هنا بعد جمع شتاتها نشراً للصورة.

ثانياً – وضع اليد على هذا المنقول : وهذا هو العنصر المادي للحيازة . فيجب حتى يتحقق الإستيلاء أن يستحوذ من يريد تملك المنقول عليه ، فيصبح في قبضة يده ، ويستأثر به دون سائر الناس.
ثالثاً – نية التملك : وهذا العنصر المعنوي للحيازة . فيجب إذن على من يريد تملك المنقول بالاستيلاء أن يجمع بين
عنصري الحيازة المادي والمعنوي . فيصبح حائزاً للمنقول ، وهذه الحيازة هي عين الإستيلاء . فلو التقط شخص منقولاً
ملقى في الطريق مدفوعاً بعامل الفضول ، ولما تأمله زهد فيه وألقاه ثانية في الطريق ، فإنه لا يتملكه بالاستيلاء لفقد
العنصر المعنوي للحيازة وهو نية التملك . ولما كانت نية التملك واجبة ، فإن عديم التمييز كالصبي غير المميز والمجنون
لا يستطيع أن يتملك منقولاً بالاستيلاء ، لانعدام نية التملك المترتب على انعدام التمييز .

ونرى من ذلك أن الحيازة وحدها هنا ، غير مقترنة بأية واقعة أخرى ، تكفي للتملك ويرجع ذلك إلى أن الشيء الذي يرد عليه الإستيلاء هو منقول لا مالك له كما قدمنا ، فتملكه لا يتضمن سلباً لملكية الغير ، ولذلك كانت الحيازة وحدها كافية . أما إذا كان المنقول مملوكاً لشخص غير الحائز ، فالحيازة وحدها لا تكفي ، بل يجب أن يقترن بها السبب الصحيح وحسن النية .
فإذا كان الشيء عقاراً ومملوكاً لشخص غير الحائز ، وجب لتملكه إلى جانب الحيازة انقضاء مدة التقادم الطويل وهي خمس عشرة سنة ، أو انقضاء مدة التقادم القصير وهي خمس سنوات على أن يقترن بذلك أيضاً السبب الصحيح وحسن النية . كذلك في تملك الثمار بالحيازة ، يجب أن تقترن الحيازة بحسن النية .

وننتقل الآن إلى بعض تطبيقات الإستيلاء ، ورد أكثرها في التقنين المدني ، ونميز فيها بين المنقول الذي ليس له مالك منذ البداية ، فنعرض للشيء المشترك ولصيد البر والبحر وللحيوانات غير الأليفة ، وبين المنقول الذي كان له مالك ثم أصبح لا مالك له ، فنعرض للأشياء المتروكة وللكنز وللقطة ( الأشياء الضائعة ) وللأشياء الأثرية وللتركة التي لا وارث لها .

المنقول الذي له مالك منذ البداية

7 – الشيء المشترك :
هناك أشياء مشتركة النفع لجميع الناس ، كالشمس والهواء والبحر ، وهي غير قابلة للتعامل فيها ، لاستحالة هذا التعامل .
ولكن قد يصبح التعامل في هذه الأشياء ممكنا من بعض النواحي ، فعند ذلك تصبح منقولاً ليس له مالك ، ويجوز تملكها بالاستيلاء . فأشعة الشمس يمكن أن يحصرها فوتوغرافي ، والهواء يمكن أن يستعمله الكيميائي في أغراضه ، والبحر يمكن أن يؤخذ من مائه ما يصلح أن يكون محلاً للتملك ، فكل من الفوتوغرافي والكيمائي ومغترف الماء من البحر يملك بالاستيلاء
ما أحرزه من كل ذلك بنية تملكه .

8 – صيد البر والبحر –
نص قانوني : تنص المادة 873 مدني على ما يأتي :
الحق في صيد البحر والبر واللقطة والأشياء الأثرية تنظمه لوائح خاصة “.
وندع جانباً القوانين واللوائح الكثيرة التي تنظم الصيد ، فهي تعرض لمسائل تفصيلية تدخل في مباحث القانون الإداري.
وتبقى الناحية المدنية ، فالطير في الهواء والسمك في الماء منقول لا مالك له منذ البداية ، فيجوز لمن يستولى عليه أن يتملكه بالاستيلاء . والاستيلاء هنا هو صيد الطير أو السمك ، فالصائد إذا صاد طيراً أو سمكاً وأصبح في قبضة يده ، فقد ملكه .

والأصل في صيد الطير أن حق الصيد في أرض يملكه صاحب هذه الأرض . فإذا كانت الأرض شائعة ، كان لكل مالك في الشيوع حق الصيد فيها ، أما النزول للغير عن حق الصيد فيقتضي رضاء جميع الملاك في الشيوع . وإذا ترتب على الأرض
حق انتفاع ، فالمنتفع هو الذي يكون له حق الصيد. أما المستأجر للأرض فلا يكون له حق الصيد فيها ، إلا باتفاق خاص .
فإذا كان الصيد في طريق عام ، فهو مباح للجميع ، بشرط مراعاة القوانين واللوائح التي تنظم هذا الحق .

ولا يجوز ترتيب حق إرتفاق بالصيد ، فحق الارتفاق لا يترتب لمصلحة شخص وإنما بترتب لمصلحة عقار. ولكن يجوز إيجار
حق الصيد ، وتسري عليه أحكام عقد الإيجار . ويكون إيجار حق الصيد تبعاً لإيجار الأرض ، أو مستقلاً عنها ، وعلى ذلك
يكون لمالك الأرض أن يؤجر حق الصيد فيها مستقلاً عن الأرض ذاتها ، فيستبقى لنفسه الانتفاع بالأرض ويؤجر حق الصيد
فيها لآخر ، كما له أن يؤجر الأرض لشخص وحق الصيد لشخص آخر ، وله أخيراً أن يؤجر الأرض ويستبقى حق الصيد لنفسه .

وإذا أجر صاحب الأرض حق الصيد ، لم يجز له أن يصطاد بنفسه أو أن يسمح لأحد آخر بالصيد ، لأن هذا الحق قد أجره ونزل بذلك عن حق الانتفاع به . أما إذا سمح صاحب الأرض بالصيد فيها لآخر ولو بمقابل فهذا السماح لا يعتبر إيجاراً بل عقداً غير مسمى تعهد به صاحب الأرض بألا يمنع المتعاقد الآخر من الصيد في أرضه ، وهذا العقد غير المسمى لا يمنع صاحب الأرض من الصيد في أرضه ، ولا يمنعه أيضاً من السماح لأشخاص آخرين بالصيد.

ويتحقق الإستيلاء على الطير بصيده ووقوعه ميتاً ولو في أرض الغير وإحرازه . ولكن ليس من الضروري لتحقق الإستيلاء
الإحراز المادي للطير ، فالمسلم به أنه يكفي أن يقع الطير ميتاً أو مجروحاً جرحاً قاتلاً بحيث لا يستطيع توقي مطاردة كلاب الصيد له ولا يستطيع القرار منها ، فيكون إحرازه أمراً محققاً وشيك الوقوع  . أما إذا كان الطير لم يجرح جرحاً قاتلاً وكان يستطيع القرار ، فقبل إحرازه لا يتحقق تملكه بالاستيلاء ، ويجوز للغير أن يستولى عليه فيتملكه . وقد تقوم صعوبات عملية فيما إذا اصطاد شخصان طيراً واحداً في وقت واحد  أو على التعاقب ، وفيما إذا لم يعثر على الطير بعد وقوعه ثم عثر عليه
بعد ذلك ، وكل هذه من مسائل الواقع يبت فيها قاضي الموضوع .

والسمك في الماء ، وسائر الأحياء المائية ، هي أيضاً منقول لا مالك له ، ويجوز تملكه بصيده ، فيكون سبب كسب الملكية
هو الإستيلاء . وينظم الصيد في البحر والبحيرات والمياه الداخلية لوائح كثيرة متنوعة . ولكن السمك الذي يوجد في مجارى المياه المملوكة ملكية فردية ، كالترع والمصارف الخاصة والمستنقعات ، لا يعتبر منقولاً لا مالك له ، بل هو ملك لمالك مجرى الماء الذي يوجد فيه السمك .

ولا يجوز صيد السمك في مجارى المياه الخاصة إلا بإذن أصحاب هذه المجارى ، وإذا صاد شخص هذا السمك دون إذن يعتبر سارقاً له . ويتحقق الإستيلاء على السمك الذي لا مالك له بصيده ووقعه في شبكة الصائد بحيث لا يستطيع الإفلات منها ، فإذا تمكن السمك من الإفلات ولم يستطع الصائد إحرازه قبل أن يفلت ، وعاد السمك إلى الماء ، فإنه يعود منقولاً لا مالك له ، ويجوز لأي شخص آخر صيده .

الجزء الأول
الجزءالثاني
الجزء الثالث
الجزء السابع

تحميل الكتاب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى