ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
رسائل
أخر الأخبار

دور أقسام الجرائم المالية في حماية المال العام بالمغرب

إنجاز الملحق القضائي/ فريد خير الدين

دور أقسام الجرائم المالية في حماية المال العام بالمغرب

 تقديم عام للموضوع

 (المال العام يحرق الأيدي التي تمتد إليه)
تعمل الدولة بكل مؤسساتها على استخدام الأموال العامة لتلبية حاجتها والسهر على تقديم خدماتها إلى المواطنين، وبهذا نداء إلى الموارد المالية اللازمة التي بواسطتها تستطيع تحقيق الأهداف المنشودة والتي رصدت لها الأموال.

كذلك يرتبط المال العام ارتباطا وثيقا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع الكيانات، فنمو الدولة وازدهار اقصادها وتوفير ظروف عيش ملائمة لمواطنيها يكون نتيجة استخدام الأموال العامة بطريقة معقلنة بعيدا عن التبدير والنصب وسوء استعمال الأموال العامة.

فالدولة التي تتوفر على منظومة قانونية تعمل من خلالها على حماية الأموال العامة التي تشكل في الوقت الحالي عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية لجميع البلدان تعطي الثقة لمواطنيها.

في مخططاتها الاقتصادية والتنموية ونتيجة لذلك تزداد ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، وان غابت الحماية اللازمة للأموال العمومية حيث تصل إليها  ایاداي الناهين والسارقين، فاعلم بان كيان الدولة سيكون مهددا نتيجة عدم توجيه المال العام وجهته الصحيحة وبأن ستأخذ مسارا اخر يؤدي إلى تعطيل الموجهة من طرف الدولة الى مواطنيها الأمر الذي سيؤثر لا محالة على الاستقرار والأمن وسيجلب بدل التنمية القلاقل والمشاك الاجتماعية.

الأمر الذي يحتم على اي دولة تنشد التنمية الاقتصادية و الاجتماعية أي ایجاد اليات قانونية لحماية الأموال العمومة، فبلادنا وبعد فترة قصيرة بعد حصولها على الاستقلال عمدت إلى اصدار القانون الجنائي سنة 1962،ومن خلاله عملت على تجريم الأفعال الماسة بالمال العام.

وبعد ذلك توالت التعديلات القانونية الهادفة إلى زجر ومعاقبة كل من سولت له نفسه إهدار المال العام وسرقته أو تحويل وجهته إلى أغراض شخصية، ولو لا تدخل المشرع لتجريم جل الأفعال المنافية لكيفية صرف المال العام، حيث تصل إليه أيادي الخفية والضمائر الفاسدة المعادية لسيادة القانون والعابتة في براثين الفساد.

فتاريخ محاربة الجرائم المالية في بلادنا طبعه العديد من التدخلات التشريعية، ابتداء مع إنشاء محكمة العدل الخاصة التي اعتبرت محكمة استثنائية جاءت في ظرفية تاريخية طبعها عدم الاستقرار السياسي.

ونظرا للانتقادات الموجهة من طرف مجموعة من الجهات إلى عمل هذه المحكمة الاستثنائية، نتيجة كونها محكمة تغيب فيها أبسط حقوق الدفاع، وأنها محكمة لا تعمل على تعليل أحكامها على غرار المحاكم العادية، عمل المشرع على إلغاءها.

وبموازاة معأسندالنظر في  الجنايات المنصوص عليها في الفصول 241 إلى 256 من مجموعة القانون الجنائي إلى محاكم الاستئناف بعد إلغاء محكمة العدل الخاصة مما ألزم المشرع المغربي بتحسين ترسانته القانونية وإحداث أقسام خاصة للجرائم المالية بمحاكم معينة من محاكم الاستئناف بمواقعها الجغرافية ودوائر نفوذها، إضافة إلى إنشاء هذه الأقلية الخاصة بالجرائم المالية، قام المشرع بمجموعة من التعديلات.

فالبت في الجرائم التي تلحق المال العام عهد بها إلى قضاة ذوي كفاءة عالية وخبرة متراكمة لسنوات من العمل من جهة، وعملت وزارة العدل والحريات على انتقائهم لتكوينهم مع هذا النوع من الجرائم الذي يتطلب تكوين عالي في تعامله مع طينة من المجرمين ذات طابع خاص تتخذ من ذكائها وخبرتها طريقا لنهب المال العام وتسخيره لمصالحها الشخصة.

لأن مكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة ببلادنا أضحى من الأولويات التي وضعتها الدولة على عاتقها من خلال الإنخراط في مجموعة من الأليات والاتفاقيات الدولية والإقليمية الهادفة إلى محاربة الفساد وتوحيد الجهود للتصدي لهذه المعظلة المجتمعية التي لها إنعكاستها السلبية على الأمن الإجتماعي، والسياسي، والإقتصادي.

وإلى جانب تطرق المشرع المغربي لجرائم الفساد الكلاسيكية من غدر واختلاس ورشوة واستغلال النفوذ توسع في معاقبة أفعال الفساد الأخرى الحديثة وخاصة جرائم غسل الأموال والتي تسهم في تقويض الاقتصاد الوطني عبر ممارسات منافية تهدف إلى الإغتناء غير المشروع والسريع مع حرمان الدولة من موارد هامة هي في
أمس الحاجة إليها.

الشيء الذي يستوجب تضافر كل الجهود للتصدي لجرائم الفساد المالي في إطار مقاربة تشاركية متكاملة وقائية وعقابية تضمن حماية الأموال العمومية خاصة وأن الدستور الجديد لبلادنا رسخ لثفافة رفض المساءلة والإفلات من العقاب وربط المسؤولية بالمحاسبة.

فحماية الأموال العامة ببلات مهمة جسيمة موضوعة على عاتق مجموعة من المؤسسات و ليس فقد القضاء الجنائي وانما لابد للمجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات والمفتشية العامة للمالية والمفتشيات المركزية بالوزارات القيام بالمهام الرقابية الهادفة إلى الوقوف على جميع الاخلالات و الانحرافات الماسة بالمال العام وتبليغها إلى الجهات القضائية المختصة لهذا يتطلب الأمر تظافر الجهود وتكثيف التنسيق فيما بين هذه المؤسسات والقضاء الجنائي ممثلا في أقسام الجرائم المالية….

دور أقسام الجرائم المالية في حماية المال العام بالمغرب

تحميل

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى