الشفعة على ضوء العمل القضائي
مقدمة
تتميز المنازعات العقارية بكونها نزاعات متعددة نظرا لما للملكية العقارية من أهمية بالغة اقتصاديا واجتماعيا، ولعل من بين أهم هذه النزاعات نجد دعوى الشفعة.
وتعد هذه الدعوى مؤشرا على أن المالكين على الشياع يرفضون دخول أي شريك أجنبي معهم من جهة، ويتحينون كل فرصة للتخلص من عدد الشركاء وجمع الحصص بين اقل عدد من الشركاء من جهة أخرى، وسبيلهم إلى ذلك ممارسة دعوی الشفعة كلما بلغ إلى علمهم نبأ تفويت الحصة الشائعة.
والشفعة لغة، مشتقة من الشفع وهو ضد الوتر الذي هو الزوج، وسميت بالشفعة لأن الأخذ بها وهو الشفيع يضيف بسببها الحصة المشفوعة من المشفوع منه إلى الحصة التي كانت تحت يده فتصيرة الحصة شفعا بعد أن كانت وترا.
وقد عرفها اين عرفة بأنها استحقاق شريك أخذ مبيع شريكه بثمنه وقد عرفتها المادة 292 من مدونة الحقوق العينية بقولها الشفعة أخذ شريك في ملك مشاع أو حق عيني مشاع حصة شريكه المبيعة بعد أداء الثمن ومصروفات العقد اللازمة والمصروفات الضرورية النافعة عند الاقتضاءة.
ونظام الشفعة مستمد من الفقه الإسلامي، فلقد اتفق الفقهاء على مشروعية الشفعة و أقروا بها، إذ هي ثابتة بالإجماع والسنة، فالأحاديث النبوية الشريفة عديدة في شائنها، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة.
ولقد شرعت الشفعة لدرء ضرر الشركة، أي لتفادي ماقد يصدر عن الشريك الأجنبي بوصفه عنصرا دخيلا من تصرفات قد لائتلاءم مع رغبات الملاك الأصليين وتضر بحسن استغلال واستثمار الملك المشاع .
لذلك فالشفعة رخصة وليست حضا،و استثناء ليست أصلا، ذلك أن الأصل أنه لايمكن أن يجبر أحد على بيع ما تملكه إلا برضاه وبهذا فإن الشفعة باعتبارها رخصة فيها تقييد لحرية التعاقد ولحق الملكية وجب إعمالها وفق شروط وإجراءات محددة
ودقيقة حتى لاتخرج عن إطارها الاستثنائي.
وتبرز أهمية موضوع الشفعة من ناحيتين:
فمن الناحية الاقتصادية ترمي الشفعة إلى منع تجزئة العقارات وتشتتها إلى قطع صغيرة لدرجة يصعب معها مواصلة العمل فيها بشكل جيد مما ينعكس على التطور الاقتصادي والعقاري سلبا.
ومن الناحية الاجتماعية تكتسي الشفعة أهمية قصوى من حيث كونها تساهم في تحقيق السلم الاجتماعي وذلك عن طريق التقليل من المنازعات العقارية.
الشفعة على ضوء العمل القضائي
