ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
مقالات
أخر الأخبار

السلطة التقديرية والسلطة المقيدة

للدكتور سليمان محمد سليمان الطماوي

السلطة التقديرية والسلطة المقيدة للدكتور سليمان الطماوي

 مقدمة

عندما يمنح القانون رجل الإدارة سلطة معينة، أو يزوده باختصاص ما، فإنه يسلك فس ذلك أحد طريقين.
فهو يستطيع من ناحية أن يفرض على الإدارة بطريقة آمرة ، وعلى سبيل الالزام، الهدف المعين الذي يجب عليها أن تسعى إليه ، و أن يحدد لها الأوضاع التي تتخذها للوصول إلى هذا الهدف ، بهذه الطريقة ، يملى القانون مقدما على رجل الإدارة مضمون القرار الذي يجب عليه اتخاذه ، وتسمى سلطاته أو اختصاصاته حينئذ مقيدة (pouvoirs limites) .

وقد وصف الأستاذ میشو هذا النوع من السلطة، وإن كان قد أعرض عن استعمال اصطلاح وسلطة مقيدة ، فقال : إن على الإدارة أن تتخذ قرارات فرضها القانون مقدما ، فمهتها تقتصر على تطبيق القانون على الحالات التي تعرض عندما تتحقق دواعيها، وفي هذا الصدد أيضا يقول الأستاذ جيرو و في حالة السلطة التقديرية لا يترك القانون الإدارة أية حرية في التقدير، بل إنه يفرض عليها بطريقة آمرة ، التصرف الذي يجب مراعاته، ، ولهذا أيضا قارن الأستاذ فالين بين عمل الإدارة في هذه الحالة ، وعمل القاضي : فكلاهما تقتصر مهمته على مجرد تطبيق القانون عند تحقق الشروط التي يستلزمها .

والقانون يستطيع من ناحية أخرى أن يترك للإدارة شيئا من الحرية ، فتصبح طليقة في طريقة استعمال هذه السلطات ، ويكون لها الكلمة الأخيرة في تقدير ملائمة القرارات التي تتخذها بناء على هذه السلطات : وفي هذه الحالة تسمى اختصاصاتها تقديرية ( pouvoir discrétiontraire ).

وقد ذكر العميد بونار عناصر هذا النوع من السلطة فقال , تكون سلطة الإدارة تقديرية حينما يترك لها القانون الذي يمنحها هذه الاختصاصات، بصدد علاقاتها مع الأفراد ، الحرية في أن تتدخل أو أن تمتنع ، ووقت هذا التدخل وكيفيته ، وفحوى القرار الذي تتخذه . فالسلطة التقديرية تنحصر إذن في حرية التقدير التي يتركها القانون للإدارة لتحديد ما يصح عمله وما يصح ترکه.

هذا التميز في سلطات الإدارة بين ما كان منها متروکا لتقديرها، وما كان مفروضا عليها ، يعد حديثا نسبيا . ولكنه أصبح الآن من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون العام الحديث .

و بعد أن وضحت معالم هذه الفكرة واستبانت حدودها ، بفضل أبحاث فقهاء القانون العام الفرنسي من جانب ، و قضاء مجلس الدولة الفرنسي من الجانب الآخر، أتيح لها أن تساعد على اطلاق يد الإدارة فيما فيه تحقيق الصالح العام، والخير المشترك، وحفظت على الأفراد حقوقهم ، وكانت لهم كل ما يمس حرباتهم الأساسية..

السلطة التقديرية والسلطة المقيدة للدكتور سليمان الطماوي

تحميل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى