ePrivacy and GPDR Cookie Consent by Cookie Consent Update cookies preferences
رسائل
أخر الأخبار

مناقشة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص في موضوع: “توزيع حصيلة بيع منتوج العقار”.

توزيع حصيلة بيع منتوج العقار

يوم الخميس 16 مارس 2023، تمت مناقشة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر الدراسات القانونية المدنية، أعدها الطالب بدر بحار، في موضوع:
“توزيع حصيلة بيع منتوج العقار”.
وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:
           – الدكتور محمد محروك مشرفا ورئيسا
 – الدكتور عزيز العروي عضوا
     – الدكتور عبد الهادي نجار عضوا
     – الدكتور سليمان المقداد عضوا
وبعد المداولة تم قبول الرسالة ومنحت للطالب الباحث نقطة 20/18 مع التنويه بالعمل.

المقدمة

    تقضي القاعدة العامة في المجتمعات الحديثة بأنه لا يجوز للشخص أن يقتضي حقه بنفسه، وإنما وجب عليه أن يلجأ إلى المؤسسة العامة المنشأة لهاته الغاية، وهي ما يطلق عليها بالمؤسسة القضائية[1]. كل هذا يجرى في إطار ما يسمى بالعقد الاجتماعي[2]. وبالتالي على الشخص أن يلجأ إلى هذه المؤسسة لكي يمارس أمامها الوسائل القانونية المتاحة للمطالبة بحقه وحمايته، فيتقدم إلى القضاء المدني للحصول على حقه، فيجري الأخير عمليات المراقبة والفحص من خلال إجراءات تقوم على المساواة بين الخصوم أمامه، والتي تعمل على تحقيق المواجهة[3] بينهم، وصولا إلى تحقيق العدالة عبر إقرار الحق لصاحبه وتبيان الظالم والمظلوم في الحكم والحق محل المنازعة ولمن آل.

غير أن إقرار الحقوق عبر مؤسسة القضاء وحده لا يكفي إذا لم يتصل بالمرحلة المهمة في هذه العملية ألا وهي مرحلة تنفيذ المقررات القضائية، وفي ذلك قال الفاروق عمر بن الخطاب في رسالته المشهورة لأبي موسى الأشعري: “لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له“، و نفس الأمر الذي نبه إليه جلالة المغفور له الحسن الثاني في إحدى خطاباته التي جاء فيها:

“إن مسؤولية القاضي ليست أجسم من مسؤولية المحامي، ومسؤولية التنفيذ هي أجسم المسؤوليات، لأن عدم التنفيذ أو لتماطل في التنفيذ يجر الإنسان إلى تفكيرآخر وهو انحلال الدولة، حذار من العدل الظالم”[4]. ولكي يتم هذا التنفيذ لابد وأن يكون مستندا على حكم نهائي وإلزامي، وأن يتم تذييله بالصيغة التنفيذية التي تجعله سندا تنفيذيا يخول لصاحبه الدخول إلى مسطرة التنفيذ[5].

 والتنفيذ إما أن يكون تنفيذا اختياريا يتم بإرادة الأطراف ورضاهم، وإما أن يكون تنفيذا جبريا في حالة تعنت المدين وتراخيه في تنفيذ ما التزم به. والتنفيذ الجبري تتعدد طرقه كذلك وإجراءاته بشكل يسمح لكل إجراء أن يحقق الهدف المرسوم له والغاية المتوخاة منه حسب ما ينفع صاحب الحق[6]. ويظل التنفيذ عن طريق الحجز أكثر الطرق استعمالا في الحياة العملية والملاذ الأخير للدائن لمواجهة تماطل مدينه وتقاعسه عن الوفاء، فكان لابد إذن من إحاطته بإجراءات وقواعد تكفل سلامة سيره حماية لمصالح جميع الأطراف.

وإجراءات التنفيذ عن طريق الحجز تبدأ عموما بحجز[7]، سواء كان المحجوز عقارا[8] أو منقولا[9]. تليه مرحلة أخرى مهمة وهي بيعه بالمزاد العلني للحصول على ثمن يبرئ ذمة صاحب المال محل البيع -قد يكون هذا الإبراء جزئيا وقد يكون كليا-. والتنفيذ في هذه المرحلة بالذات إما أن يكون لفائدة دائن واحد أو عدة دائنين، ففي الحالة الأولى يستوفي الدائن الوحيد ما نابه من حصيلة التنفيذ سواء كانت كافية لإبراء ذمته أم لا، أما في حالة وجود عدة دائنين فإننا نكون أمام مسطرة أخرى تسمى ب “التوزيع بالمحاصة”.

 وتعتبر هذه المرحلة (توزيع حصيلة التنفيذ) المرحلة الأخيرة والحاسمة في مسطرة الحجز التنفيذي العقاري؛ إذ من خلالها يتم الاقتضاء الفعلي لمبلغ الدين، وبالتالي انقضاء علاقة المديونية في حدود ما تم الوفاء به، ولأنها مرحلة مهمة في مسطرة التنفيذ عملت جل التشريعات على تنظيميها وإحاطتها بقواعد وإجراءات تضمن للدائنين استيفاء ديونهم من جهة، وتبرئة ذمة المدين من جهة أخرى.

 إن المشرع المغربي لم يكن في منأى عن تنظيم هذه المسطرة لما لها من أهمية، فقد عالجها في الباب الثامن من القسم التاسع ضمن الفصول 504 إلى الفصل 510 من  ق.م.م [10]، وهذه القواعد تطبق أيا كان نوع الحجز الذي أجراه الحاجز، سواء كان حجزا تنفيذيا أو حجزا لدى الغير. غير أن هذه القواعد تختلف باختلاف محل الحجز، هل هو عقار أم منقول.

وبما أن الحجز العقاري هو الغالب في الواقع العملي نظرا لما يتميز به العقار عموما من قيمة اقتصادية، ونظرا لما يدره من مال وفير. لهذه الغاية، خصصنا بحثنا هذا لدراسة موضوع توزيع حصيلة بيع منتوج العقار دون المنقول، وذلك لأن إجراءات المنقول تختلف باختلاف المنقول ذاته، فإجراءات توزيع منتوج بيع الأصل التجاري تختلف عن الإجراءات المتعلقة بتوزيع منتوج بيع السفينة أو الطائرة، وعلى هذا الأساس اقتصرت في هذا البحث على العقار لكونه الغالب في الواقع العملي.

ونظرا للأهمية التي يحظى بها موضوع توزيع حصيلة بيع منتوج العقار، فقد أحاطها المشرع بمجموعة من الإجراءات المسطرية، تبدأ بمنح الأطراف مُكنة الاتفاق فيما بينهم على توزيع تلك الحصيلة وديا وفقا لما اتفقوا عليه، سواء أكانوا أصحاب ديون عادية أو ممتازين، أو هما معا. وغاية المشرع من منحهم مُكنة الاتفاق فيما بينهم على التوزيع هو تقليل المصاريف وسرعة المسطرة التي ينتج عنها بالضرورة تسليم قوائم التوزيع لكل واحد منهم في وقت وجيز، وفي حالة عدم نجاح هذه التسوية( التوزيع الودي لحصيلة التنفيذ)،فإن  المشرع فسح المجال  للقضاء من أجل التدخل في المسطرة والعمل على توزيع المال المتحصل عليه من عملية البيع، عبر عدة مراحل يختص بها رئيس المحكمة، بدءا من تحديد من لهم صفة المشاركة، مرورا بعملية تحديد أصحاب الأولوية، ثم إعداد القائمة المؤقتة للتوزيع، ثم فتح المجال لمن أراد الطعن في إجراء ما من الإجراءات السابقة، لتنتهي بقائمة نهائية ينتج عنها تسليم قوائم التوزيع واستيفاء المبلغ النقدي من صندوق المحكمة وفقا للمساطر الجاري بها العمل قانونا.

أولا: أهمية الموضوع

إن لهذا الموضوع أهمية بالغة من نواحي عدة، كانت السبب الرئيسي وراء تنظيمه وتسطير خطوطه العريضة داخل القوانين التي له لها علاقة به، فنجد له أهمية قانونية بالدرجة الأولى ثم اقتصادية ثانيا وأخيرا اجتماعية.

  • الأهمية القانونية

إن غاية كل متقاض هي الوصول إلى إقرار الحق له من طرف المؤسسة القضائية بعد أن يثبته. لكن يبقى هذا الإقرار دون فائدة ترجى إذا لم يتوج بتنفيذ يسلم الحق لصاحبه، وهو ما نمثل له في حالتنا هذه بمسطرة التنفيذ الجبري، إذ أن هذه المسطرة تبتدأ بحجز ثم بيع لتنتهي إلى الغاية التي من أجلها فُتح ملف التنفيذ وهي توزيع حصيلته في حالة تعدد الدائنين. مما أوجب على المشرع أن ينظم هذه المؤسسة تنظيما قانونيا محكما لما لها من أهمية، أولها أنها مرحلة ضرورية تأتي كنتيجة حتمية تلي إجراءات التنفيذ، والخاتمة الطبيعية لها، وثانيها أنها تعمل على إيصال حقوق الدائنين وحمايتها بصفة عامة، وأخيرا تحقق لنا العدالة بين المتقاضين من خلال حصول المحكوم له على حقه، وإبراء ذمة المحكوم عليه، وهذا لا يتأتى إلا إذا كانت هذه المسطرة  محاطة بترسانة قانونية محكمة و منظمة تنظيما يوفر للأطراف مكنة الحصول على حقوقهم وحمايتها، الشيء الذي دفع بجل التشريعات إلى تنظيميها في صلب القوانين، سواء الإجرائية منها أو الموضوعية.

  • الأهمية الاقتصادية

نعلم أن الميدان الاقتصادي في جل البلدان يتكون من بائع ومشتر، الثاني منهما يعتبر في كثير من الأحيان مستثمرا تدور حوله عجلة الاقتصاد، أو بوصف آخر هو قطب رحى الاقتصاد إن صح التعبير، فيُقْدِمُ على شراء ما هو متاح للبيع، حتى ينتفع به عن طريق استثماره، وهذا لا يتحقق إن تخلل عملية البيع عارض إجرائي أو موضوعي، وهو ما ينعكس سلبا على العجلة الاقتصادية. وربطا بموضوع مسطرة التوزيع، فإننا نجد أن المشرع المغربي من خلال  ق.م.م  قد حاول وضع قواعد قانونية تسهل عملية البيع بداية وتوزيع حصيلته في النهاية، والدليل على ذلك إقراره  لمكنة التوزيع الرضائي لحصيلة التنفيذ، مما سيؤدي إلى الاقتصاد في النفقات، وسيجنبهم اللجوء إلى المحكمة ومصاريفها القضائية من نفقات زائدة وهدر للوقت والإجراءات، سواء بالنسبة لأطراف عملية التوزيع أو بالنسبة للمحكمة نفسها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن  عملية البيع بالمزاد العلني توفر للدائنين سيولة مالية تمكنهم من استثمارها واستعمالها لأغراض اقتصادية أو شخصية ، وتوفر للمدين مكنة إبراء الذمة-جزئيا أو كليا-، لهاته الأسباب شرع المشرع المغربي كغيره من التشريعات الأخرى إلى تنظيم مسطرة توزيع حصيلة التنفيذ لما لها من أهمية اقتصادية.

  • الأهمية الاجتماعية

إن المهمة الرئيسية للمؤسسة القضائية تتمثل في تمكين الحق لمستحقه من خلال تنفيذ المقررات الصادرة عنها بناء على طلبه، إذ لا فائدة ترجى من مقررات تبقى حبرا على ورق وحبسية رفوف المحاكم. وتنفيذ المقررات القضائية له أهمية كبرى، خصوصا عندما يتعلق الأمر بشرائح مختلفة من المجتمع، سواء الفقيرة أو ذات الدخل المحدود أو الميسورة، فإن تنفيذها يعود بالنفع على تلك الفئات، وقد تكون له انعكاسات سلبية في حالة عدم التنفيذ؛ إذ يمكن الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود من الحصول على حقوقها وحمايتها، مما يحسن وضعيتهم الاجتماعية أو على الأقل يضمن استقرارها. ونفس الأمر بالنسبة للأسر الميسورة؛ إذ يقوي مكانتهم الاجتماعية. لكن إذا نظرنا للمسألة بمفهوم المخالفة سنجد أن لعدم التنفيذ تأثيرا على كلا الفئتين، فبالنسبة للفئة الفقيرة سيزيد من حدة فقرها ويؤزم وضعيتها الاجتماعية خصوصا إن كان للمحكوم له أبناء، مما ينعكس سلبا  على مسارهم الدراسي. أما بالنسبة للأسر الميسورة فإن عدم التنفيذ ينزل بمكانتهم الاجتماعية ويجعلهم في مصاف الأسر الفقيرة.

وإذا كانت الغاية الأسمى اليوم للدول هي بناء دولة اجتماعية، فإن عدم التنفيذ يشكل عائقا أمام هذه الغاية، ولأجل هذا المبتغى سارعت الدول إلى خلق مؤسسات داعمة وهادفة إلى نفس الهدف مثل المؤسسة القضائية، وارتباطا بموضوع الدراسة نجد أن المؤسسة القضائية تسعى دوما إلى إعطاء كل ذي حق حقه، فإن كان له امتياز منحته السلطة القضائية مكنة التقدم، وبالتالي استيفاء حقه بالأسبقية، وإن كان عاديا منحته مكنة استخلاص دينه بطرق أخرى، فتكون بذلك السلطة القضائية طمأنت أصحاب الحقوق بأنهم سيستوفونها وفق المساطر الجاري بها العمل ، ناهيك على أنها تمنح للمدين كذلك ضمانات تزرع في نفسه الطمأنينة بأنه لن يظلم، فإن حصل الوفاء للدائنين برئة ذمته المالية، وإن فضل من حصيلة التنفيذ مال أعادته إليه وفق ما يقتضيه القانون.

ثانيا: دوافع اختيار الموضوع

  إن الدوافع الرئيسية التي كانت وراء اختيارنا للبحث في موضوع توزيع حصيلة التنفيذ تتنوع بين دوافع ذاتية وأخرى موضوعية، نذكر أهمها:

فبالنسبة للدوافع الشخصية أو الذاتية تتلخص بالأساس في انتماء هذا الموضوع إلى حقل القانون المدني الذي كان محور اهتمامنا منذ ولوجنا كلية الحقوق، هذا بالإضافة إلى أنني تلقيت فيه تكوينا على يد أساتذة متخصصين بماستر الدراسات القانونية المدنية، مما يؤهلنا لتناوله من مختلف جوانبه القانونية والمؤسساتية. كما أن الطبيعة الإجرائية للموضوع استهوتني كباحث، ودفعتني إلى إعداد العدة لمحاولة مقاربة ما يثيره من إشكالات علمية وعملية وكيف تعامل القضاء معها.

أما بالنسبة للاعتبارات الموضوعية، فتتمثل أساسا في الأهمية التي يحظى بها موضوع  التنفيذ بصفة عامة، وتوزيع حصيلته بصفة خاصة، وفي كون غالبية الأبحاث التي تطرقت لموضوع توزيع حصيلة بيع منتوج العقار تناولته في إطار إجراءات التنفيذ عموما، فلم توليه الدراسة الكافية، ولم تتناوله في إطار دراسة شاملة تعالج كافة محاوره وموضوعاته من مختلف الجوانب، إذ نجد غالبية هذه الدراسات تخصص  حيزا صغيرا يتناول فقط المحاور الكبرى للموضوع[11]، فكان إذا، الهدف من هذا البحث هو خلق نافذة يطل من خلالها المتتبع للشأن الفقهي والقانوني والقضائي على هذا الموضوع وينتفع به، بالإضافة إلى مد جسور المعرفة لكل المهتمين بالشأن الحقوقي، من أجل تكريس ثقافة قانونية وقضائية رصينة وهادفة.

ثالثا: إشكال البحث

إذا كانت مسطرة توزيع حصيلة التنفيذ هي الهدف الختامي الذي يسعى له الأطراف في سبيل الحصول على حصتهم، فإن ذلك لن يتحقق إلا إذا تمت إحاطة هذه المسطرة بقواعد قانونية محكمة ودقيقة، و سلوك الأطراف لهذه المساطر واحترامها كما هي مقررة قانونا.

وعلى هذا الأساس خصص لها المشرع مجموعة من القواعد التي تنظمها، تختلف هذه القواعد باختلاف محل التوزيع، هل هو ناتج عن بيع منقول أم عقار، فلكل قواعد تحكمه وتنظمه. إذ تم تنظيم توزيع حصيلة بيع المنقول في  نصوص متناثرة بين عدة قوانين مختلفة، كمدونة التجارة[12] إذا تعلق الأمر ببيع أصل تجاري، وقانون التجارة البحرية[13] إذا تعلق الأمر ببيع سفينة. فضلا على ارتباط مسطرة التوزيع بقواعد قانونية مختلفة، كقواعد الأولوية التي تحدد أصحاب الامتياز ومن لهم حق الأسبقية في الاستيفاء.

أما مسطرة توزيع منتوج بيع العقار فقد تم تنظيمها بقانون المسطرة المدنية فقط، بالضبط في الفصول 504 إلى الفصل 510. والملاحظ أن المشرع لم يتعرض لمسطرة التوزيع بالمحاصة  إلا بمناسبة تنظيميه لطرق التنفيذ.فضلا على أن النصوص التي خصصها لهذه المرحلة المهمة كانت جد مقتضبة سواء على مستوى العدد بحيث خصص لها  6 فصول، أو على مستوى الصياغة التشريعية التي تحتمل عدة تأويلات مما خلف تضاربا على مستوى الفقه والقضاء.

 هذا القصور في التنظيم القانوني والغموض في  الصياغة التشريعية. قد يعزى إلى عدم كفاية التنظيم القانوني الخاص بهذه المسطرة، مما ينعكس سلبا على حقوق المتقاضين ويؤدي إلى ضياعها، وهو ما يفتح الباب واسعا لتوجيه أصابع الانتقاد للمشرع. الشيء الذي يدعو إلى البحث في:

 مدى فعالية القواعد الموضوعية والإجرائية لمسطرة التوزيع في حماية حقوق الدائنين المالية؟

ولعل هذا الإشكال تنبثق عنه مجموعة من التساؤلات الفرعية من قبيل:

  • ما المقصود بمسطرة توزيع حصيلة التنفيذ؟
  • ما هي الشروط القانونية التي وضعها المشرع لإجراء مسطرة توزيع بيع منتوج العقار؟
  • كيف عالج المشرع الصعوبات التي تطال مسطرة التوزيع من تعرض وطعن بالبطلان؟
  • ما هي الآثار الناتجة عن انتهاء مسطرة التوزيع؟

المناهج المعتمدة

        حتى نستطيع الإجابة عن الإشكال والأسئلة المتفرع عنها، وملامسة الموضوع من كل جوانبه بنوع من الشمولية، وتحليل ومناقشة جميع عناصره بشكل متوازن ومنسجم مع المنهجية العلمية، ارتأينا اعتماد مقاربة متعددة المناهج، على اعتبار أن مسطرة توزيع حصيلة التنفيذ مسطرة دقيقة، تحتاج إلى تحليل وتمحيص كل جوانبها العلمية والعملية، وهو ما لن يتأتى إلا باستخدام مناهج علمية[14] متكاملة ومتداخلة فيما بينها، من قبيل:

المنهج التحليلي: عبر دراسة وتحليل النصوص القانونية الناظمة  لمسطرة توزيع حصيلة التنفيذ، بالإضافة إلى ما هو مقرر من أحكام وقواعد ذات صلة بالمؤسسات والأجهزة التي لها علاقة بالموضوع، في ضوء الاتجاهات الفقهية والاجتهادات القضائية.

المنهج الوصفي: يعد هذا المنهج من أكثر مناهج البحث الاجتماعي استعمالا نظرا لمدى ملاءمته مع الواقع الاجتماعي وخصائصه. فهو يشكل المدخل الصحيح لفهم الواقع ومعطياته، والكشف عن أبعاده وتفاعلاته. على هذا الأساس وارتباطا بالموضوع عمدنا إلى الاستعانة به لتوصيف المفاهيم التي تتعلق بموضوع الدراسة بما يؤدي إلى تحديد المقصود منها وفهمها.

المنهج المقارن: أمام قلة الأبحاث الفقهية المتعلقة بموضوع الدراسة في القانون المغربي، فإن الاعتماد على المنهج المقارن أصبح أمرا لابد منه، وقد اخترنا القانون الفرنسي وجها لهذه المقارنة، وذلك لاعتبارين، أولهما بحسبانه التشريع المرجعي للقانون المغربي، وثانيهما لانتماء التشريعين معا لمنظومة التشريعات اللاتينية. وإلى جانب التشريع الفرنسي عملنا على الرجوع إلى بعض التشريعات العربية كالتشريع المصري، باعتباره تشريع يضع رِجلاً في المنظومة اللاتينية والرجل الأخرى في المنظومة الأنجلوسكسونية، والتونسي كذلك. والهدف من ذلك هو الاستئناس بالحلول التي أعطتها لبعض الإشكالات المعلقة في القانون المغربي.

خطة البحث

 إن دراسة مضامين هذا الموضوع اعتمادا على المناهج المحددة أعلاه، فرض علينا الانطلاق من تشخيص القواعد الموضوعية لتوزيع حصيلة بيع منتوج العقار وتحليليها في الفصل الأول، وذلك عن طريق تحديد مفهوم التوزيع وبيان أنواعه وصوره، ثم يقتضي منا الأمر أن نميزه عما يشابهه من أنظمة أخرى تشترك معه في بعض الخصائص، فضلا عن التطرق للشروط التي وجب توافرها في حصيلة التنفيذ موضوع التوزيع، والشروط الخاصة بالدائنين ذوي الصفة في المشاركة.

أما في الفصل الثاني سنتولى دراسة “القواعد الإجرائية لتوزيع حصيلة بيع منتوج العقار” فنتطرق بداية للمراحل التي تمر منها مسطرة التوزيع وتِبيان الشكليات التي تطلبها المشرع لافتتاح هذه المسطرة، ثم نعالج في جانب آخر آثار هذه المسطرة كحق الطعن في مشروع التوزيع الذي خوله المشرع للأطراف، هذا فضلا عن آثار أخرى تنتج بعد أن يكتسب الحكم قوة الأمر المقضي به. كل هذا مع إبراز أهم الجوانب التي وفق فيها المشرع عند تنظيمه لمسطرة التوزيع، وتلك التي جانب فيها التوفيق، ورصد كل الثغرات القانونية ومكامن الخلل، سواء المتعلقة بالقواعد الموضوعية لمسطرة التوزيع أو المتصلة بالتنظيم الإجرائي لهذه المسطرة. وبناء على هذا التحديد، فإن الخطة العامة التي سنسير عليها للإجابة عن الإشكالية المركزية لهذا الموضوع والأسئلة الفرعية المرتبطة بها ستكون وفق التصميم التالي:

  • الفصل الأول: القواعد الموضوعية لتوزيع حصيلة بيع منتوج العقار
  • الفصل الثاني: القواعد الإجرائية للتوزيع حصيلة بيع منتوج العقار

الفهرس

 

الفصل الأول: القواعد الموضوعية لتوزيع حصيلة بيع منتوج العقار. 

المبحث الأول: مفهوم توزيع حصيلة التنفيذ..

المطلب الأول: تعريف توزيع حصيلة التنفيذ وصورها

الفقرة الأولى: تحديد المقصود بالتوزيع..

الفقرة الثانية: صور التوزيع وطبيعته…..

أولا: صور التوزيع….

أ-التوزيع المباشر….

ب- التسوية الودية…

ج-التسوية القضائية…

ثانيا: طبيعة توزيع حصيلة التنفيد..

1-التسوية عقد في شكل أمر ولائي..

ب-التسوية حكم قضائي..

ج _ التسوية الودية ذات طبيعة مختلطة…

المطلب الثاني: خصائص توزيع حصيلة التنفيذ وتميزها عن بعض المؤسسات المشابهة….

الفقرة الأولى: خصائص توزيع حصيلة التنفيذ..

أولا: قواعد التوزيع قواعد مكملة و آمرة…

ثانيا: التوزيع مرحلة مكملة للإجراءات التنفيذية….

ثالثا: التوزيع هو الهدف الختامي من التنفيذ الجبري….

رابعا: عدم تجزئة التوزيع….

الفقرة الثانية: تمييز مؤسسة التوزيع عن بعض المؤسسات المشابهة لها….

أولا: التوزيع وتزاحم الدائنين… 

ثانيا: التوزيع ونوعي التنفيذ.. 

أ-التوزيع والتنفيذ المباشر…. 

ب-التوزيع والتنفيذ الجبري غير المباشر…. 

ثالثا: التوزيع وإجراءات التنفيذ والمنازعة فيه….

أ-التوزيع وإجراءات التنفيذ.. 

ب-التوزيع والصعوبة في التنفيذ.. 

المبحث الثاني: شروط توزيع حصيلة التنفيذ.. 

المطلب الأول: الشروط الخاصة بالدائنين… 

الفقرة الأولى: الأشخاص المختصون بحصيلة التنفيذ.. 

أولا: الدائنون المختصون بحصيلة التنفيذ.. 

ثانيا: شرط تعدد الدائنين… 

الفقرة الثانية: تقديم الوثائق من طرف الدائنين…

أولا: مدلول الوثائق التي يتعين الإدلاء بها من طرف الدائنين…

ثانيا: أجل تقديم الوثائق وأثره…

المطلب الثاني: الشروط الخاصة بمحل التوزيع..

الفقرة الأولى: أن تكون حصيلة التنفيذ مبلغا من النقود…

الفقرة الثانية: عدم كفاية حصيلة التنفيذ..

الفصل الثاني: القواعد الإجرائية لتوزيع حصيلة بيع منتوج العقار…

المبحث الأول: المراحل الإجرائية لتوزيع حصيلة بيع منتوج العقار….

المطلب الأول: مرحلة التسوية الودية…

الفقرة الأولى: شكليات إجراء التسوية الودية…

الفقرة الثانية: القوة الثبوتية لمحضر التسوية الودية….

المطلب الثاني: المرحلة القضائية لتوزيع حصيلة التنفيذ.

الفقرة الأولى: شكليات افتتاح التوزيع القضائي..

الفقرة الثانية: إعداد مشروع التوزيع وتصفيته…

أولا: إعداد مشروع التوزيع….

ثانيا: تصفية حصيلة التنفيذ..

المبحث الثاني: آثار توزيع حصيلة التنفيذ.. 

المطلب الأول: حق الطعن في مسطرة التوزيع….

الفقرة الأولى: الطعن بالاعتراض في مسطرة التوزيع..

الفقرة الثانية: الطعن بالبطلان في مسطرة التوزيع..

المطلب الثاني: نهائية التوزيع..

الفقرة الأولى: أثر الطعن في مسطرة التوزيع..

الفقرة الثانية: أثر الحكم النهائي..

أولا: تسليم قوائم التوزيع..

ثانيا: شطب القيود…

أ: الحقوق التي أدركها التوزيع..

ب:: الحقوق التي لم يدركها التوزيع.


[1] -ونشير إلى أن المشرع المغربي اعتمد على وسائل بديلة لحل المنازعات بالإضافة إلى المؤسسة القضائية، وهما مؤسستا التحكيم والوساطة الاتفاقية المنظمتين بموجب القانون رقم 95.17 بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.22.34 من شوال 1443 (24 ماي 2022)، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 7099، 13 ذو القعدة 1443(13 يونيو 2022)، ص:3579.

[2]– يُشير مصطلح العقد الاجتماعي بالإنجليزية (Social Contract) إلى ذلك العقد المبرم بشكل فعلي أو افتراضي بين طرفين؛ كالحكومة والشعب، أو الحاكم والمحكوم، بحيث تحدّد بموجبه الحقوق الخاصة بكل فئة والواجبات المفروضة عليها، وظهر ذلك منذ القدم عندما بدأت الحياة البشرية بصورة من العشوائية والفوضى، فوضع العقل البشري اتفاقاً وعقداً لتنظيمها على هيئة مجتمع وحكومة، وقد توصل المفكر جان جاك روسو عام 1762م إلى نظرية العقد الاجتماعي من خلال نظرته للطبيعة البدائية التي كانّ يعيشها الإنسان بحالة من العشوائية، حيث رأى أنّه كان لفرض القوانين التي نظمت حياة الناس أساساً لزيادة شعورهم بحس المسؤولية والأخلاق، إلى جانب الالتزام المدني.

[3]– مبدأ المواجهة هو الذي يقوم على مبدأ عدم جواز اتخاذ أي إجراء ضد شخص بدون تمكينه من العلم به وإعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه، فهذا المبدأ هو مجرد تطبيق من تطبيقات حق الدفاع، والتشريعات الحديثة تجمع على أن المواجهة لا تحقق هدفها إلا إذا تم العلم بها في وقت نافع أي الوقت الذي يمكن فيه للخصم أن ينظم دفاعه بصفة كافية بعد التأمل والتروي.
وفي هذا الإطار ينص الفصل 116 من قانون المرافعات الفرنسي على أن القاضي يلتزم في جميع الظروف بأن يلاحظ احترام الخصوم للمواجهة وأن يلزم نفسه بها ويفهم من النص المذكور الذي لا يتناقض مع روح التشريع المغربي بأن القاضي هو الضامن لاحترام المواجهة، فإذا ثبت أن المواجهة لم تتم وصدر الحكم بناء على ذلك فان الحكم يكون مشوبا بالبطلان.

موقع المحبرة القانونية: رابط التدوينة https://bit.ly/3d2vpB8، تمت زيارة الموقع بتاريخ 04/08/2022 على الساعة 19:55.

[4]– مقتطف من خطاب جلالة المغفور له الحسن الثاني بمناسبة استقباله لبعض رجال القضاء والمحامين والعدول بالقصر الملكي العامر بتاريخ 31 مارس 1982.

[5] -ووجب أن نشير في هذا المقام بأن المشرع لم يقم بحصر السندات التنفيذية التي تخول لصاحبها التنفيذ، فهناك الأحكام القضائية النهائية والأوامر القضائية أو مقررا تحكيميا، أو أمرا بتحصيل دين ضريبي أو شهادة التقييد الخاصة المسلمة من طرف المحافظ العقاري، أو محضر صلح قضائي.

[6] -نظم المشرع طرق التنفيذ بالقسم التاسع من ق.م.م من الفصل 411 إلى الفصل 503.

[7] -سواء كان الحجز تحفظيا أو تنفيذيا أو حجزا لدى الغير أو حجزا استحقاقيا أو حجز ارتهاني.

[8] -ﻭﻳﻼ‌ﺣﻆ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻗﺪ ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭ ﺇﺳﻮﺓ ﺑﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ – ﻛﺎﻟﺘﺸ ﺮﻳﻌﻴﻦ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﺼﺮﻱ– بالمادة السادسة من م.ح.ع وﺍﻋﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭ ﺑﻄﺒﻴﻌﺘﻪ ﻫﻮ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﺴﺘﻘﺮ ﺑﺤﻴﺰﻩ ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻴﻪ ﻻ‌ ﻳﻤﻜﻦ ﻧﻘﻠﻪ ﻣﻨﻪ ﺩﻭﻥ ﺗﻠﻒ ﺃﻭ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺘﻪ.

[9]– وهي الأشياء المادية غير المستقرة بحيزها والتي يمكن نقلها دون تلف، سواء كانت قادرة على الانتقال بقوتها الذاتية كالحيوانات أو بقوة خارجية كالجمادات وهي لا تقع تحت حصر ومنها مثلاً الحيوانات والأثاث والسيارات.

إدريس الفاخوري: الحقوق العينية وفق القانون 39.08، منشورات مجلة الحقوق سلسلة المعارف القانونية والقضائية ، مط المعارف الجديدة، دار نشر المعرفة، سنة 2017، ص:5.

[10]– ظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394(28 شتنبر 1974) الصادر بالجريدة الرسمية عدد 3230، بتاريخ 13 رمضان 1394(30 شتنبر 1974) ص 2741.

مع الإشارة إلى أنني سأعتمد اختصار الجمل المضمن بلائحة فك الرموز على طول صفحات هذا البحث.

[11] -ونفس الملاحظة ذكرها الفقيهان فتحي والي والسيد أحمد محمود:

– فتحي والي، توزيع حصيلة التنفيذ الجبري في قانون المرافعات المصري، مجلة القانون والاقتصاد، العدد الثالث، سنة 1965، ص:7.

– سيد أحمد محمود: توزيع حصيلة التنفيذ الجبري وفقا لقانون المرافعات المدنية والتجارية،  المجلة الكبرى، دار شنأت للنشر والبرمجيات مصر ، ص:5.

[12]– ظهير شريف رقم 1.96.83 صادر في 15 من ربيـع الأول 1417) فاتح أغسطس 1996 (بتنفيذ القانون رقم 15.95، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4418 بتاريخ 19 جمادى الأولى 1417 )3 أكتوبر 1996)، ص 2187.

[13]-الظهير الشريف  الصادر بتاريخ 28 من جمادى الثانية 1337( 31 مارس 1919 )بمثابة مدونة التجارة البحرية.

[14]– لأخذ فكرة عن المناھج المتبعة في إعداد البحوث العلمية، راجع:

 ادريس الفاخوري: مدخل لدراسة مناھج العلوم القانونية، طبعة 2012/2013، مط  الجسور وجدة، ص: 21 وما بعدھا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى